(٢٧)(بَابُ وُجُوبِ النَّفِيرِ) بفتح النُّون وكسر الفاء، أي: الخروج إلى قتال الكفَّار (ومَا يَجِبُ) أي: وبيان القدر الواجب (مِنَ الجِهَادِ و) مشروعيَّة (النِّيَّة) في ذلك (وَقَوْلِه) بالجرِّ عطفًا على المجرور السَّابق، ولأبي ذرٍّ:«وقول الله ﷿» آمرًا بالنَّفير العامِّ مع الرَّسول ﵊ عام غزوة تبوك؛ لقتال أعداء الله من الرُّوم الكفرة من أهل الكتاب، وحتَّم على المؤمنين في الخروج معه على كلِّ حالٍ في المنشط والمكره والعسر واليسر، فقال تعالى:(﴿انْفِرُواْ خِفَافًا﴾) لنشاطكم له (﴿وَثِقَالاً﴾) عنه لمشقَّته عليكم، أو لقلَّة عيالكم ولكثرتها، أو ركبانًا ومشاةً، أو خفافًا وثقالًا من السِّلاح، أو صحاحًا ومراضًا، ولمَّا فهم بعض الصَّحابة من هذا الأمر العموم؛ لم يتخلَّفوا عن الغزو حتَّى ماتوا، منهم: أبو أيُّوب الأنصاريُّ والمقداد بن الأسود، ثمَّ رغَّب تعالى في بذل المهج في مرضاته والنَّفقة في سبيله، فقال:(﴿وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾) أي: بما أمكن لكم منهما كليهما أو أحدهما (﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾) من تركه (﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾) الخير (﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا﴾) أي: لو كان ما دعوا إليه نفعًا دنيويًّا قريبًا سهل المأخذ (﴿وَسَفَرًا قَاصِدًا﴾) متوسِّطًا (﴿لاَّتَّبَعُوكَ﴾) طمعًا في ذلك النَّفع (﴿وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ﴾) أي: المسافة الَّتي تُقطَع بمشقَّة (﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ﴾ [التوبة: ٤١ - ٤٢]) لكم إذا رجعتم إليهم ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ﴾ (الآيَةَ) إلى آخرها. وساقها إلى آخر قوله: ﴿بِاللّهِ﴾ وقال في رواية أبي ذرٍّ بعد قوله: ﴿بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ﴾: «إلى ﴿إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾» وحذف ما عدا ذلك، وقد ذكر سفيان الثَّوريُّ، عن أبيه عن