للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤١) (بابُ مَا جَاءَ) في الحديث: (أَنَّ الأَعْمَالَ) بفتح همزة «أنْ» وكسرها في «اليونينيَّة»، ولكريمة: «إنَّ العمل» (بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ) بكسر الحاء وإسكان السِّين المُهمَلَتين، أي: الاحتساب؛ وهو الإخلاص (وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) ولفظ «الحِسْبة» من حديث أبي مسعودٍ الآتي -إن شاء الله تعالى-[خ¦٥٥] وأدخلها بين الجملتين للتَّنبيه على أنَّ التَّبويب شاملٌ لثلاث تراجم: «الأعمال بالنِّيَّة» و «الِحسْبة» و «لكلِّ امرئٍ ما نوى»، وفي رواية ابن عساكر: «قال أبو عبد الله البخاريُّ» وفي رواية الباقي بحذف: «قال أبو عبد الله»، وإذا كان الأعمال بالنِّيَّة (فَدَخَلَ فِيهِ) أي: في الكلام المتقدِّم (الإِيمَانُ) أي: على رأيه؛ لأنَّه عنده عملٌ، كما مرَّ البحث فيه، وأمَّا الإيمان بمعنى التَّصديق؛ فلا يحتاج إلى نيَّةٍ كسائر أعمال القلوب (وَ) كذا (الوُضُوءُ) خلافًا للحنفيَّة؛ لأنَّه عندهم من الوسائل لا عبادةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وبأنَّه علَّم الأعرابيَّ الجاهلَ الوضوءَ ولم يعلِّمه النِّيَّة، ولو كانت فرضًا (١) لَعَلَّمه، ونُوقِضوا بالتَّيمُّم فإنَّه وسيلةٌ وشرطوا (٢) فيه النِّيَّة، وأجابوا: بأنَّه طهارةٌ ضعيفةٌ فيُحتَاج لتقويتها بالنِّيَّة، وبأنَّ قياسه على التَّيمُّم غير مستقيمٍ لأنَّ الماء خُلِقَ مُطهِّرًا، قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨] والتُّراب ليس كذلك، وكان التَّطهير به تعبُّدًا محضًا فاحتاج إلى النِّيَّة؛ إذِ التَّيمُّم يُنبْئ لغةً عن القصد فلا يتحقَّق دونه بخلاف الوضوء، ففسد قياسه على التَّيمُّم (وَ) كذا (الصَّلَاةُ) من غير خلافٍ أنَّها لا تصحُّ إلَّا بالنِّيَّة. نعم؛ نازع ابن القيِّم في استحباب التَّلفُّظ بها محتجًّا بأنَّه لم يُرْوَ أنَّه تلفَّظ بها، ولا عن أحدٍ من أصحابه، وأُجِيب: بأنَّه عونٌ على استحضار النِّيَّة القلبيَّة، وعبادةٌ باللِّسان (٣)، وقاسه بعضهم على ما في «الصَّحيح» من حديث أنسٍ: أنَّه سمع النَّبيَّ يلبِّي بالحجِّ والعمرة جميعًا؛ يقول: «لبَّيك حجًّا وعمرةً» وهذا


(١) في (ب) و (س): «فريضة».
(٢) في (م): «اشترطوا».
(٣) في (س): «للسان»، وفي (م): «اللسان».

<<  <  ج: ص:  >  >>