للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتبعه العينيُّ (إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ) آمنةَ بنت غفارٍ (وَهْيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ فَذَكَرَ ذَلِكَ) الطَّلاق الصَّادر في الحيض (لَهُ فَأَمَرَهُ) أي: أمرَ ابن عمر (أَنْ يُرَاجِعَهَا) من التَّطليقة التي طلَّقها لها (فَإِذَا طَهُرَتْ) بضم الهاء (فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا) في ذلك الطُّهر. قال يونس ابن جُبير: (قُلْتُ) لابن عمر: (فَهَلْ عَدَّ ذَلِكَ) (طَلَاقًا؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ) أي: أخبرني (إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ) قال المهلَّب: يعني: إن عجزَ عن المراجعةِ الَّتي أمرَ بها عن إيقاع الطَّلاق، أو فقد عقلَه فلم تكن منه الرَّجعة (١) أتبقَى المرأة مُعلَّقة؟ لا هي ذات بعلٍ ولا مطلَّقة، وقد نهى الله عن ذلك فلا بدَّ أن يحتسبَ بتلك التَّطليقة الَّتي أوقعَها على غيرِ وجهها، كما أنَّه لو عجزَ عن فرضٍ آخر فلم يقمْه واستحمقَ فلم يأتِ به ما كان يعذرُ بذلك ويسقطُ عنه.

(٤) (بابُ مَنْ أَجَازَ) ولأبي ذرٍّ: «مَن جوَّز» (طَلَاقَ الثَّلَاثِ) وفي نسخةٍ: «الطَّلاق الثَّلاث» أي: دفعةً واحدةً أو مفرَّقًا (لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾) أي: تطليقة بعد تطليقةٍ على التَّفريق دون الجمعِ (٢) (﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾) برجعةٍ (﴿أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]) وهذا عامٌّ يتناول إيقاع الثَّلاث دفعةً واحدةً، وقد دلَّت الآية على ذلك من غير نكيرٍ، خلافًا لمن لم يجزْ ذلك لحديثِ: «أبغَضُ الحلَالِ إلى اللهِ الطَّلاق». وعند سعيد بنِ منصورٍ بسندٍ صحيح: أنَّ عمرَ كان إذا أَتي برجلٍ طلَّق امرأتَه ثلاثًا أوجعَ ظهره. وقال الشِّيعة وبعضُ أهل الظَّاهر: لا يقعُ إذا أوقعَه دفعةً واحدةً. قالوا: لأنَّه خالفَ السُّنَّة فيُردُّ إلى السُّنَّة. وفي «الإشراف» عن بعض المبتدعةِ: أنَّه إنَّما يلزم بالثَّلاث إذا كانت مجموعةً واحدةً، وهو قول محمَّد بن إسحاق صاحبُ «المغازي» وحجَّاج بن


(١) في (ص): «المراجعة».

(٢) قال السندي في «حاشيته»: قوله: (بابُ مَنْ أَجازَ طَلَاقَ الثَّلَاثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ … ﴾ إلى آخره)، كأنَّه استدلَّ به بناءً على أنَّ المراد الطَّلاق المعقِّب للرجعة ثنتان، فيعم ما إذا وقعتا دفعة أو متفرِّقتين، فيدلُّ على اعتبار ما وقعَ دفعة، وإلَّا فلو حمل مرَّتان على معنى تطليقةٍ بعد تطليقةٍ على التَّفرق دون الجمع، كما ذكره القسطلاني لم يستقم الاستدلال لعدمِ شموله للدَّفع والتعجب أنَّه قال بعد ذلك: إنَّه عامٌّ يتناولُ إيقاعَ الثلاث دفعة واحدة مع أنَّه لا يشملُ الثلاث أصلًا، نعم يشملُ الاثنين، ويقاسُ عليه الثلاث لكن لا يشملُ على المعنى الَّذي ذكره إلَّا المتفرق دون ما يكون دفعة، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>