للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١) (﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾) مضارعُ ثَنَى يَثْنِي ثنيًا، أي: طوى وانحرف، و ﴿صُدُورَهُمْ﴾: مفعولٌ، والمعنى: يُحرفون صدورهم ووجوههم عن الحقِّ وقبوله (﴿لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ﴾) اللَّام متعلِّقةٌ بـ ﴿يَثْنُونَ﴾ كما قاله الحوفيُّ وغيره، والمعنى: إنَّهم يفعلون ثني الصُّدور لهذه العلَّة، وقال الزَّمخشريٌّ ومن تبعه: متعلِّقةٌ بمحذوفٍ تقديره: ويريدون ليستخفوا من الله فلا يُطْلِع رسوله والمؤمنين على أزورارهم، ونظيرُ إضمار «يريدون» -لعود المعنى إلى إضماره- الإضمارُ في قوله: ﴿اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] معناه: فضرب فانفلق، لكن قال في «الدُّرِّ»: ليس المعنى الَّذي يقودنا إلى إضمار الفعل هناك كالمعنى هنا؛ لأنَّ ثمَّ لا بدَّ من حذف معطوفٍ عليه (١) يضطرُّ العقل إلى تقديره؛ لأنَّه ليس من لازم الأمر بالضَّرب انفلاقُ البحر، فلا بدَّ أن يُتَعقَّل «فضرب فانفلق» وأمَّا في هذه فالاستخفاء علَّةٌ صالحةٌ لثنيهِم صدورَهم، فلا اضطرار بنا إلى إضمار الإرادة، قال في «فتوح الغيب»: شبَّهه (٢) بقوله: ﴿اضْرِب بِّعَصَاكَ﴾ [الشعراء: ٦٣] في مجرَّد إرادة التَّقدير؛ ليستقيم المعنى، ورُوِي عنه في «الحاشية»: ثَنيُ (٣) الصَّدر بمعنى الإعراض إظهارٌ (٤) للنِّفاق، فلم يصحَّ أن تتعلَّق به لام التَّعليل، فوجب إضمار ما يصحُّ تعلُّقها به من شيءٍ يستوي معه المعنى، فلذلك قدَّر: ويريدون ليستخفوا من الله، أي: يظهرون النِّفاقَ (٥) ويريدون مع ذلك أن يستخفوا منه (﴿أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ﴾) يجعلونها أغشيةً وأغطيةً، والنَّاصب


(١) «عليه»: ليس في (د) و (ص) و (م).
(٢) في (ص): «شبَّههم».
(٣) في (م): «تثنى».
(٤) في (د): «تُثنى الصُّدور بمعنى الإعراض؛ إظهارًا».
(٥) قوله: «ويريدون ليستخفوا من الله؛ أي: يظهرون النِّفاقَ» سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>