للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلم والكافر لكونه مخاطبًا بالتَّوحيد قطعًا، وبباقي الأعمال على الخلاف، فالمانع من الثَّاني يقول: إنَّما يُسأَلون عن التَّوحيد فقط للاتِّفاق عليه، وإنَّما التَّعميم هنا في قوله: ﴿عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فتخصيص ذلك بالتَّوحيد تحكُّمٌ، ولا تَنَافِيَ بين هذه الآية وبين قوله تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ [الرحمن: ٣٩] لأنَّ في القيامة مواقفَ مختلفة، وأزمنةً متطاولة، ففي موقفٍ أو زمانٍ يُسأَلون، وفي آخرَ لا يُسأَلُون، أو لا يُسأَلون سؤالَ استخبارٍ بل سؤالَ توبيخٍ لمستحقِّه.

(وَقَالَ) الله تعالى، وسقط لغير الأربعة لفظ «وقال»: (﴿لِمِثْلِ هَذَا﴾) أي: لِنَيْلِ مثل هذا الفوز العظيم (﴿فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ﴾ [الصافات: ٦١]) أي: فليؤمن المؤمنون، لا للحظوظ الدُّنيويَّة المَشُوبة بالآلام السَّريعةِ الانصرام، وهذا يدلُّ على أنَّ الإيمان هو العمل، كما ذهب إليه المصنِّف، لكنَّ اللَّفظَ عامٌّ، ودعوى التَّخصيص بلا برهانٍ لا تُقبَل، نعم؛ إطلاق العمل على الإيمان صحيحٌ من حيث إنَّ الإيمان هو عملُ القلب، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون العمل من نفس الإيمان، وغرضُ البخاريِّ رحمه الله تعالى من هذا الباب وغيره: إثباتُ أنَّ العمل من أجزاء الإيمان؛ ردًّا على من يقول: إنَّ العمل لا دَخْلَ له في ماهيَّة الإيمان، فحينئذٍ لا يتمُّ مقصوده على ما لا يخفى، وإن كان مُرَاده جواز إطلاق العمل على الإيمان فلا نزاعَ فيه؛ لأنَّ الإيمان عملُ القلب؛ وهو التَّصديق، وقد سبق البحث في ذلك.

٢٦ - وبالسَّند السَّابق أوَّلَ هذا التَّعليق إلى المؤلِّف قال رحمه الله تعالى: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) نسبةً

<<  <  ج: ص:  >  >>