وقد تقرَّر في علم الفصاحةِ الاحترازُ عن لفظِ يشتركُ فيه مَعنيان: أحدُهما مكروهٌ فيجاءُ به مطلقًا، والأصل فيها أحاديث كحديث:«الغلامُ مُرْتَهن بعقيقتهِ تُذْبحُ عنه يوم السَّابع ويُحلق رأسُه» رواه التِّرمذيُّ وقال: حسنٌ صحيح. وعند البزَّار عن ابن عبَّاس مرفوعًا:«للغلامِ عقيقتان، وللجاريةِ عقيقة» وقال: لا نعلمُه بهذا اللَّفظ إلَّا بهذا الإسناد. انتهى.
والعقيقةُ كالضَّحيَّة في جميعِ أحكامهَا من جنسها، وسنِّها، وسلامتها، والأفضل منها، ونيَّتها، والأكل والتَّصدُّق، وسن طبخها كسائر الولائم، إلَّا رجلها فتُعْطى نيِّئة للقابلةِ لحديث الحاكم، وبحلوٍ تفاؤلًا بحلاوةِ أخلاق الولد، وأن لا يكسرَ عظمها تفاؤلًا بسلامةِ أعضاء الولد، فإن كسرَ فخلاف الأولى، وأن تُذْبَحَ سابع ولادته.
(١)(بابُ تَسْمِيَةِ المَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُ) أي: وقت يولد (لِمَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ) بفتح التَّحتية وضم العين. ومفهومه أن من لم يُرِد أن يعقَّ عنه لا تؤخَّر تسميتُه إلى السَّابع، ومن أراد أن يعقَّ عنه تؤخَّر تسميتُه إلى السَّابع. وقال النَّوويُّ في «الأذكار»: تسنُّ تسميتُه يوم السَّابع أو يوم الولادةِ، ولكلٍّ من القولين أحاديث صحيحة، فحمل البخاريُّ (١) أحاديثَ يوم الولادة على من لم يُرِد العقَّ، وأحاديثَ يوم السَّابع على من أرادهُ، كما ترى. قال ابن حجرٍ: وهو جمعٌ لطيفٌ لم أره لغيره، وثبت لفظة:«عنه» لأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ (وَتَحْنِيكِهِ) يومَ ولادتهِ بتمرٍ فحلو بأن يمضغَ التَّمر ويدلك به حنكه داخلَ فمه حتَّى ينزلَ إلى جوفهِ منه شيءٌ، وقيس بالتَّمر الحلو، وفي معنى التَّمر الرُّطب.
والحكمةُ فيه: التَّفاؤل بالإيمان لأنَّ التَّمر من الشَّجرة الَّتي شبَّهها ﷺ بالإيمانِ، لاسيَّما إذا كان المحنِّك من العلماء والصَّالحين لأنَّه يصل إلى جوفِ المولود من ريقهِ.