للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديثُ سبق في «باب صلاة اللَّيل» من «كتاب الصلاة» [خ¦٧٣١].

(٧٦) (بابُ الحَذَرِ مِنَ الغَضَبِ) وهو شعلةُ نارٍ صفة شيطانيَّة، وحقيقته غليان دمِ القلبِ بنارِ غضبهِ لإرادةِ الانتقام (لِقَوْلِ اللهِ (١) تَعَالَى) في سورة الشورى: (﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ﴾) أي: الكبائرَ من هذا الجنسِ، والكبيرةُ ما توعد عليه، وقرأ حمزة والكسائيُّ: ﴿كَبِيرَ﴾ كقدير، ونقل الزَّمخشريُّ عن ابن عبَّاس: إنَّ الإثم هو الشِّرك. وتعقِّب بأنَّه تقدَّم ذكرُ الإيمانِ وهو يقتضِي عدم الشِّرك، ولعلَّ المراد بالكبائر: ما يتعلَّق بالبدعِ والشُّبهات، وبالفواحشِ ما يتعلَّق بالقوَّة الشَّهوانيَّة (﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا﴾) من أمورِ دنياهم (﴿هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٧]) أي: هم الأخصَّاء بالغفرانِ في حال الغضب، أي: يحلمون ويكظمُون الغيظَ، وخصَّ الغضب بلفظ الغفران لأنَّ الغضبَ على طبع النَّار استيلاؤه (٢) شديدٌ ومقاومته صعبةٌ، فلهذا خصَّه الله بهذا اللَّفظ، وإذا نصب بـ ﴿يَغْفِرُونَ﴾ و ﴿يَغْفِرُونَ﴾ خبرٌ لهم، والجملة عطفٌ على الصِّلة، وهي (٣) ﴿يَجْتَنِبُونَ﴾ (وَ ﴿الَّذِينَ﴾) ولأبي ذرٍّ: «وقولهِ ﷿: ﴿الَّذِينَ﴾» (﴿يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء﴾) في حال اليُسر والعُسر، وسواء (٤) كانوا في سرورٍ أو حزنٍ، وسواء (٥) سرَّهم ذلك الإنفاق بأنَّ كان على وفقِ طبعِهِم، أو ساءهُم بأن كان على خلافهِ، فإنَّهم لا يتركونهُ (﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾) أي: المُمْسكين الغيظَ عن الإمضاءِ. يقال: كظمَ القربةَ، إذا ملأها وشدَّ فاهَا، ومنه كظم الغيظَ، وهو أن يمسكَ على ما في نفسه منه بالصَّبر ولا يُظهِر له أثرًا. والغيظ (٦) توقُّد حرارة القلب من الغضبِ. وقال ابنُ الأثير: كَظْم الغيظِ تجرُّعه واحتمالُ سيِّئه والصَّبر عليه. وفي حديث سهلِ بن سعدٍ، عن أبيه عند أبي داود والتِّرمذيِّ وابن ماجه مرفوعًا: «مَن كظَمَ غيظًا وهو يقدرُ أن ينفذَهُ دعاهُ الله على رؤوسِ الخلائقِ يوم القيامة حتَّى


(١) في (ل): «لقوله تعالى».
(٢) في (د): «واستيلاؤه»، كذا في تفسير الرازي.
(٣) في (ب) و (س): «هو».
(٤) في (د): «أو سواء».
(٥) في (د): «أو سواء».
(٦) في (د): «إذا الغيظ».

<<  <  ج: ص:  >  >>