للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«يتبايعون» بتأخير المُوحَّدة وبعد الألف تحتيَّة (جَُِزَافًا) بكسر الجيم وتُفتَح وتُضَمُّ (-يَعْنِي: الطَّعَامَ- يُضْرَبُونَ) بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه (أَنْ يَبِيعُوهُ) أي: كراهية أن يبيعوه، أو فيه «لا» مُقدَّرةٌ، كما في قوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ﴾ [النساء: ١٧٦] (فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ) منازلهم، وهذا قد خرج مخرج الغالب، والمراد: القبض، وفي بعض طرق مسلمٍ عن ابن عمر: كنَّا نبتاع الطَّعام فيبعث علينا رسول الله مَن يأمرنا (١) بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكانٍ سواه قبل أن نبيعه، وفرَّق مالكٌ في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل، فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه؛ لأنَّه مرئيٌّ فيكفي فيه التَّخلية، والاستيفاء إنَّما يكون في مكيلٍ أو موزونٍ، وقد روى أحمد من حديث ابن عمر مرفوعًا: «من اشترى بكيلٍ أو وزنٍ فلا يبيعه حتَّى يقبضه».

وفي الحديث مشروعيَّة تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة.

(٥٧) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا اشْتَرَى) شخصٌ (مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً فَوَضَعَهُ) أي: ترك المبيع (عِنْدَ البَائِعِ) فتلف أو تعيَّب (أَوْ مَاتَ) الحيوان (قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ) بضمِّ أوَّله مبنيًّا للمفعول، بآفةٍ سماويَّةٍ انفسخ البيع في التَّالف والميت، وسقط الثَّمن عن المشتري لتعذُّر القبض المستحقِّ سواءٌ عرضه البائع عليه فلم يقبله أم لا، قاله الشَّيخ أبو حامدٍ وغيره، قال السُّبكيُّ: وينبغي أن يكون مرادهم إذا كان مستمرًّا بيد البائع، فإن أحضره ووضعه بين يدي المشتري فلم يقبله، فالأصحُّ عند الرَّافعيِّ وغيره: أنَّه يحصل القبض ويخرج من ضمان البائع، وإذا أبرأه المشتري عن (٢) ضمان المبيع لو تلف أو أتلفه لم يبرأ؛ لأنَّه إبراءٌ عمَّا لا يجب، وانفساخه بتلف المبيع مُقدَّرٌ (٣) به انتقال الملك إلى البائع قبيل التَّلف، لا من العقد، كالفسخ بالعيب (٤)، فتجهيزه


(١) في (د) و (س) و (م): «يأمر».
(٢) في (د): «من».
(٣) في (د): «يُقدَّر».
(٤) في (د): «بالتَّعيُّب».

<<  <  ج: ص:  >  >>