للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥] وبمعنى الهوى، قال تعالى: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف: ٥٣] يعني الهوى، وبمعنى: الرُّوح، قال تعالى: ﴿أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ﴾ [الأنعام: ٩٣] أي: أرواحكم. انتهى. والفائدة في ذكر النَّفس أنَّه لو قال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ﴾ كان لا يفيد أنَّ الذي أُرِيد التَّحذير منه هو عقابٌ يصدر من الله (١) تعالى أو من غيره، فلمَّا ذكر النَّفس زال ذلك، ومعلومٌ أنَّ العقاب الصَّادر عنه يكون أعظم العقاب؛ لكونه قادرًا على ما لا نهاية له.

(وَقَوْلِهِ) ولأبي ذرٍّ: «وقول الله» (جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾) ذاتي (﴿وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: ١١٦]) ذاتك، فنفس الشَّيء ذاته وهويته، والمعنى تعلم معلومي ولا أعلم معلومك، وقال في «اللُّباب»: لا يجوز أن تكون ﴿تَعْلَمُ﴾ (٢) عرفانيَّةً؛ لأنَّ العرفان يستدعي سبق جهلٍ، أو يُقتصر به على معرفة الذَّات دون أحوالها، فالمفعول الثَّاني محذوفٌ، أي: تعلم ما في نفسي كائنًا وموجودًا على حقيقته لا يخفى عليك منه شيءٌ، وقوله: ﴿وَلَا أَعْلَمُ﴾ فهي (٣) وإن كان يجوز أن تكون عرفانيَّةً إلَّا أنَّها لمَّا صارت مقابلةً لِمَا قبلها كانت مثلها. انتهى. وقال البيهقيُّ: والنَّفس في كلام العرب على أوجهٍ: منها: الحقيقة كما يقولون: في نفس الأمر، وليس للأمر نفسٌ منفوسةٌ (٤)، ومنها: الذات، قال: وقد قيل: في قوله تعالى: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾: إنَّ معناه ما أُكِنُّه وأُسرُّه، ولا أعلم ما تسرُّه عنِّي، وقيل: ذكر النَّفس هنا للمقابلة والمشاكلة، وعُورِض بالآية التي في أوَّل الباب؛ إذ ليس فيها مقابلةٌ.

٧٤٠٣ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ) النَّخعيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) حفص بن غياث


(١) في (ع): «منه».
(٢) في (د) و (ع): «أعلم الأولى».
(٣) «فهي»: مثبتٌ من (د) و (ع).
(٤) في (ج) و (ل): «مُتقوَّمة»، وبهامشهما: كذا بخطِّه، وعبارة «الفتح»: منفوسَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>