للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عُرِضَتْ) بضمِّ العين مبنيًّا للمفعول (عَلَيَّ) بتشديد الياء (الأُمَمُ) بالرَّفع مفعولًا ناب عن الفاعل. وعند التِّرمذيِّ والنَّسائيِّ من رواية عبثر بن القاسم بمُوحَّدةٍ ثمَّ مُثلَّثةٍ، بوزن «جعفرٍ» في روايته عن حُصَين بن عبد الرحمن: أنَّ ذلك كان ليلة الإسراء، ولفظه: «لمَّا أُسرِي بالنَّبيِّ جعل يمرُّ بالنَّبيِّ … » الحديث، فإن (١) كان هذا محفوظًا ففيه دلالةٌ لمن ذهب إلى تعدُّد الإسراء، وأنَّ الَّذي وقع بالمدينة غير الَّذي وقع بمكَّة، لكنَّ الإسراء الواقع -وهو بالمدينة- ليس فيه ما وقع بمكَّة، من استفتاح أبواب السَّموات بابًا بابًا إلى غير ذلك (وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ) أي: ناحية السَّماء، والسَّواد -ضدُّ البياض- هو الشَّخص الَّذي يُرى من بعيدٍ، ووصفه بالكثير إشارةً إلى أنَّ المراد: الجنس لا الواحد (فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ) وفي حديث ابن مسعودٍ عند أحمد: «حتَّى مرَّ على موسى في كبكبةٍ، أي: جماعةٍ من بني إسرائيل، فأعجبني فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: هو أخوك موسى معه بنو إسرائيل».

وقد ساق المؤلِّف هذا الحديث هنا مختصرًا جدًا، وأخرجه مُطوَّلًا في «الطِّبِّ» [خ¦٥٧٠٥] و «الرِّقاق» [خ¦٦٥٤١]، وأخرجه مسلمٌ في «الإيمان»، والتِّرمذيُّ في «الزُّهد»، والنَّسائيُّ في «الطِّبِّ».

(٣٢) (بابُ: قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ﴾ [التحريم: ١١]) هذا مَثَلٌ ضربه للمؤمنين -أنَّهم لا يضرُّهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم- بحالِ (٢) آسية بنت مزاحمٍ امرأة فرعون ومنزلتها عند الله، مع أنَّها كانت تحت أعدى أعداء الله، كما قال تعالى: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: ٢٨]، قال قتادة: كان فرعون أعتى أهل الأرض وأكفرهم، فوالله ما ضرَّ امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربَّها، ليعلموا أنَّ الله حَكَمٌ عدلٌ لا يؤاخذ أحدًا إلَّا بذنبه. ورُوِي: أنَّه لمَّا غلب موسى السَّحرة قالت آسية: آمنت بربِّ موسى وهارون، فلمَّا تبيَّن لفرعون إسلامها؛ أوتد يديها


(١) في (د): «فإذا».
(٢) في (د): «كحال».

<<  <  ج: ص:  >  >>