للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾) يشهد عليكم (﴿وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء﴾) أي: أمَّتك (﴿شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] قَالَ لِي: كُفَّ) أي: عن القراءة (أَوْ أَمْسِكْ) بالشَّكِّ من الرَّاوي (فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ) بالذال المعجمة والفاء، يقال: ذرفت العين تذرف إذا جرى دمعها.

وأخرجَ ابنُ المبارك في «الزُّهد» من مرسلِ سعيدِ بنِ المسيَّب قال: ليسَ من يومٍ إلَّا تعرضُ على النَّبيِّ أمَّته غدوة وعشيَّة، فيعرفهُم بسيماهم وأعمالهم؛ فلذلك يشهد عليهم. وبكاؤه رحمةً لأمَّته؛ لأنَّه علم أنَّه لا بدَّ أن يشهدَ عليهم بعملهم، وعملُهم قد لا يكون مستقيمًا فقد يفضِي إلى تعذيبهِم.

وقال في «فتوحُ الغيبِ» عن الزَّمخشريِّ: إنَّ هذا كان بكاءَ فرحٍ لا بكاءَ جزعٍ؛ لأنَّه تعالى جعل أمَّته شهداءَ على سائرِ الأمم، وقال الشَّاعر:

طَفَحَ السُّرورُ عليَّ حتَّى إنَّه … مِن فَرْطِ مَا قدْ سَرَّني أَبْكَاني

٥٠٥٦ - وبه قال: (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ) البصريُّ الدَّارميُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بنُ زيادٍ قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ) بفتح اللام (١) (عَنْ عَبْدِ اللهِ) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ وابنِ عساكرٍ زيادة: «ابن مسعود» () أنَّه (قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ : اقْرَأْ عَلَيّ. قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ) بالاستفهام (وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ) : (إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) قال ابنُ بطَّال: يحتمل أن يكون أحبَّ أن يسمعهُ من غيرهِ ليكون عرضُ القرآنِ (٢) سُنَّةً، ويحتمل أن يكون لكي يتدبَّره ويتفهَّمه؛ لأنَّ المستمعَ أقوى على التَّدبُّر (٣) من القارئِ؛ لاشتغالهِ بالقراءةِ وأحكامِها.


(١) في (ب) و (ل): «بفتح اللَّام»، كذا في الأصول، وصوابه: بسكون اللَّام.
(٢) في (م): «القراءة».
(٣) في (م): «التدبير».

<<  <  ج: ص:  >  >>