للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ) أي: لولا المشقَّة (عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ) بالنَّصب على الظَّرفيَّة، أي: ما قعدت بعد (سَرِيَّةٍ) بل كنت أخرج معها بنفسي لِعِظَمِ أجرِها، و «لولا»: امتناعيَّةٌ، و «أنْ» مصدريَّةٌ في موضع رفعٍ بالابتداء، و «ما قعدت» جواب «لولا»، وأصله: «لمَا» فحُذِفَت اللَّام، والمعنى: امتنع عدم القعود؛ وهو القيام لوجود المشقَّة، وسَبَبُ المشقَّة صعوبةُ تخلُّفِهم بعده، ولا قُدرةَ لهم على المسير معه لضيق حالهم، قال ذلك شفقةً على أمَّته، جزاه الله سبحانه عنَّا أفضلَ الجزاء (وَلَوَدِدْتُ) عطفًا على «ما قعدت»، واللَّام للتَّأكيد، أو جواب قسمٍ محذوفٌ، أي: والله لَوَدِدْتُ، أي: أحببت (أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ) بضمِّ الهمزة في كلٍّ من «أُحْيَا» و «أُقْتَل»، وهي (١) خمسة ألفاظٍ، وفي رواية الأَصيليِّ: «أن أُقْتَل» بدل «أنِّي»، ولأبي ذَرٍّ: «فأُقتَل ثمَّ أحيا فأُقتَل» كذا في «اليونينيَّة»، وخُتِم بقوله: «ثمَّ أُقْتَل»، والقرار إنَّما هو على حالة الحياة لأنَّ المُرَادَ الشَّهادةُ، فختم الحال عليها، أو الإحياء للجزاء من المعلوم، فلا حاجة إلى وَدَادَتِه لأنَّه ضروريُّ الوقوع، و «ثمَّ»: للتَّراخي في الرُّتبة أحسن من حملها على تراخي الزَّمان لأنَّ المُتمنَّى حصولُ مرتبةٍ بعد مرتبةٍ إلى الانتهاء إلى الفردوس الأعلى، فإن قلت: تمنِّيه أن يُقتَل يقتضي تمنِّيَ وقوع زيادة الكفر لغيره، وهو ممنوعٌ للقواعد، أُجِيب: بأنَّ مراده حُصولُ ثواب الشَّهادة، لا تمنِّيَ المعصية للقاتل.

وفي الحديث: استحبابُ طلب القتل في سبيل الله، وفضل الجهاد، ورجاله ما بين بصريٍّ (٢) وكوفيٍّ، خالٍ عن العنعنة، ليس فيه إلَّا التَّحديث والسَّماع، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الجهاد» [خ¦٢٧٩٧]، وكذا مسلمٌ والنَّسائيُّ.

(٢٧) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ) بالطَّاعة في لياليه (مِنَ الإِيمَانِ) أي: من شُعَبِهِ،


(١) في (م): «وهنَّ».
(٢) في (م): «مصري».

<<  <  ج: ص:  >  >>