للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣) (باب إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَقَوْلُِ اللهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على سابقه، وبالرَّفع: على الاستئناف: (﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا﴾) الضَّمير للكنوز (١) الدَّالِّ عليها ﴿يَكْنِزُونَ﴾ أو للأموال، فإنَّ الحكم عامٌّ وتخصيصهما بالذِّكر لأنَّهما قانون التَّموُّل، أو للفضَّة (٢) لأنَّها (٣) أقرب، ويدلُّ على أنَّ حكم الذَّهب كذلك بطريق الأَوْلى (﴿فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾) المراد به المعنى الأعمُّ، لا خصوص أحد السِّهام الثَّمانية، وإلَّا لاختصَّ بالصَّرف إليه بمقتضى هذه الآية (﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤]) هو الكيُّ بهما (﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾) يوم تُوقَد النَّار ذات حُمَّى وحرٍّ شديدٍ على الكنوز، وأصله: يُحمَى (٤) بالنَّار، فجعل الإحماء للنَّار مبالغةً، ثمَّ طوى ذكر النَّار، وأسند الفعل للجارِّ والمجرور تنبيهًا على المقصود، وانتقل من صيغة التَّأنيث إلى صيغة التَّذكير، وإنَّما قال: ﴿عَلَيْهَا﴾ والمذكور شيئان؛ لأنَّ المراد: دنانير ودراهم كثيرةٌ، كما قال عليٌّ -فيما قاله الثَّوريُّ عن أبي حُصَيْنٍ عن أبي الضُّحى عن جَعْدَةَ بن هُبَيْرَة عنه-: أربعةُ آلافٍ وما دونها نفقةٌ، وما فوقها كنزٌ (﴿فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ﴾) لأنَّها مَجوَّفةٌ فتسرع الحرارة إليها، و (٥) الكيُّ في الوجه أبشع وأشهر، وفي الظَّهر والجنب أوجع وآلم، وقِيلَ: لأنَّ جمعهم وإمساكهم كان لطلب الوجاهة بالغنى والتَّنعُّم بالمطاعم الشَّهيَّة والملابس البهيَّة، وقِيلَ: لأنَّ صاحب الكنز إذا رأى الفقير قبض جبهته وولَّى ظهره


(١) في (م): «للمكنوز».
(٢) في (ب): «للقصَّة»، هو تحريفٌ نبَّه عليه الشيخ أمين السفرجلاني .
(٣) في (د): «فإنَّها».
(٤) في غير (ص) و (م): «تُحمَى».
(٥) في غير (د) و (م): «أو».

<<  <  ج: ص:  >  >>