للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا) -بفتح اللَّام- رجاء تأمينه على دعائكم واستغفاره لكم، وشهادته لكم بالتَّضرُّع والإخلاص، فتحصل الإجابة، وفيه: استحباب الدُّعاء عند حضور الصَّالحين، وأعظم ما في الدِّيك من الخواصِّ العجيبة معرفة الأوقات اللَّيليَّة، فيقسِّط أصواته عليها تقسيطًا لا يكاد يغادر منه (١) شيئًا، سواءٌ طال اللَّيل (٢) أو قصر، ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده، فسبحان من هداه لذلك! ولهذا أفتى القاضي حسينٌ والمتولِّي والرَّافعيُّ بجواز اعتماد الدِّيك المُجرَّب في أوقات الصَّلوات. وأخرج الإمام أحمد وأبو داود وصحَّحه ابن حبَّان من حديث زيد بن خالدٍ: أنَّ النَّبيَّ قال: «لا تسبُّوا الدِّيك فإنَّه يدعو إلى الصَّلاة» قال الحَليميُّ: فيه دليلٌ على أنَّ كلَّ من استُفيد منه خيرٌ لا ينبغي أن يُسَبَّ ويُستهان، بل حقُّه أن يُكرَم ويُشكَر ويُتلقَّى بالإحسان، وليس معنى دعاء الدِّيك إلى الصَّلاة أنَّه يقول بصراخه: صلُّوا، أو حانت الصَّلاة، بل معناه: أنَّ العادة جرت أنَّه يصرخ صرخاتٍ متتابعةً عند طلوع الفجر وعند الزَّوال، فطرةً فطره الله عليها، فيذكُرُ النَّاسُ بصراخه الصَّلاةَ، ولا يجوز لهم أن يصلُّوا بصراخه من غير دلالةٍ سواها، إلَّا من جُرِّبَ منه ما لا يُخلَفُ، فيصير ذلك له إشارةً، والله الموفِّق (وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمَارِ) جمعه حميرٌ وحمرٌ وأحمرةٌ (فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ) من شرِّه وشرِّ وسوسته (فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا) ولأبي ذرٍّ: «فإنَّها رأت شيطانًا».

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الدَّعوات»، وأبو داود في «الأدب»، والتِّرمذيُّ في «الدَّعوات»، والنَّسائيُّ في «التَّفسير» و «اليوم واللَّيلة».


(١) في (د): «منها».
(٢) في غير (م): «النَّهار»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>