(٥٠)(باب مَنْ نَكَثَ بَيْعَةً) بالمثلَّثة، أي: نَقَضَها، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ:«بَيْعتَهُ» بزيادة الضَّمير (وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ﴾) قال في «الكشَّاف»: لمَّا قال: ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ﴾ أكَّده توكيدًا على طريقة التَّخييل، فقال:(﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾) يريد: أنَّ يد رسول الله ﷺ التي تعلو أيدي المبايعين هي يد الله، والله ﷾ منزَّهٌ عن الجوارح وعن صفات الأجسام، وإنَّما المعنى تقرير أنَّ عقد الميثاق مع الرَّسول كعقده مع الله من غير تفاوتٍ بينهما؛ كقوله تعالى: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾ [النساء: ٨٠]. انتهى. وفي اختصاص الفوقيَّة تتميم معنى الظُّهور، وقال أبو البقاء: ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ﴾ خبر ﴿إِنَّ﴾، و ﴿يَدُ اللهِ﴾ وما بعده الخبر، والجملة خبرٌ آخر لـ ﴿إِنَّ﴾ أو حالٌ من ضمير الفاعل في ﴿يُبَايِعُونَ﴾ أو مستأنفٌ (﴿فَمَن نَّكَثَ﴾): نقض العهد ولم يفِ بالبيعة (﴿فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾) فلا يعود ضرر نكثه إلَّا عليه (﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ﴾) يُقال: وفيت بالعهد وأوفيت به، أي: وَفَى في مبايعته (﴿فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ١٠]) أي: الجنَّة، وسقط لأبي ذرٍّ من قوله «﴿يَدُ اللهِ﴾ … » إلى آخرها.
٧٢١٦ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكينٍ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ) أنَّه قال: (سَمِعْتُ جَابِرًا) هو ابن عبد الله الأَنصاريُّ السَّلَميُّ -بفتح السِّين واللَّام- له ولأبيه صحبةٌ ﵄ أنَّه (قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ) لم يُسَمَّ، وقيل: قيس بن أبي حازمٍ، ورُدَّ بما سبق في «باب بيعة الأعراب» قريبًا [خ¦٧٢٠٩](إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ): يا رسول الله (بَايِعْنِي عَلَى الإِسْلَامِ، فَبَايَعَهُ)﵊(عَلَى الإِسْلَامِ، ثُمَّ جَاءَ الغَدَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «من الغد»(مَحْمُومًا، فَقَالَ: أَقِلْنِي) بيعتي على الإقامة بالمدينة، ولم يُرِدِ الارتداد عنِ الإسلام؛ إذ لو أراده لقتله كما مرَّ قريبًا (فَأَبَى) فامتنع ﷺ أن يقيله؛ لأنَّ الخروج من المدينة كراهةً لها حرامٌ (فَلَمَّا وَلَّى)