للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحقيقةِ إنَّما هي لله تعالى وحدَه، وظاهرُه تخصيصُ الحلفِ باللهِ خاصَّة، لكن اتَّفقوا على أنَّه ينعقدُ بما اختصَّ الله تعالى به ولو مشتقًّا ولو من غيرِ أسمائهِ الحُسنى كـ: واللهِ وربِّ العالمين والحيِّ الَّذي لا يموتُ، ومن نفسي بيدِه، إلَّا أن يريدَ به غير اليمين، فيقبلُ منه كما في «الروضة» كأصلها، أو بما هوَ فيه تعالى عند الإطلاقِ أغلب كالرَّحيم والخالقِ والرَّازق والرَّبّ ما لم يَرِدْ بها غيره تعالى؛ لأنَّها تستعملُ في غيرِه مقيَّدة كرحيمِ القلبِ، وخالقِ الإفكِ، ورازقِ الجيش، وربِّ الإبل، أو بما هو فيه تعالى وفي غيرِه سواء كالموجودِ، والعالم، والحيِّ إن أراده تعالى بها، بخلافِ ما إذا أرادَ بها غيره أو أطلقَ؛ لأنَّها لمَّا أُطلقتْ عليهما سواء أشبهت الكنايات، وبصفتهِ الذَّاتيَّة كعظمتهِ وعزَّته وكبريائهِ وكلامهِ ومشيئتهِ وعلمهِ وقدرتهِ وحقِّه، إلَّا أن يريدَ بالحقِّ العبادات، أو بعلمهِ وقدرتهِ المعلوم والمقدُور، وظاهر قوله: «فليحلفْ بالله» الإذنُ في الحلف، ولكن قال الشَّافعيَّة: يُكره لقولهِ تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٤] إلَّا في طاعةٍ مِن فعْلِ (١) واجبٍ أو مندوبٍ، وتركِ حرامٍ أو مَكروهٍ فطاعة، وفي دَعوى عندَ حاكمٍ، وفي حاجةٍ كتوكيدِ كلامٍ، كقولهِ : «فوَاللهِ لَا يمَلُّ اللهُ حتَّى تمَلُّوا» [خ¦٤٣] أو تعظيمِ أمرٍ كقولهِ: «واللهِ لَو تعلمُونَ مَا أَعْلَم لضَحِكْتُم قَليلًا ولَبَكَيْتم كثيرًا» [خ¦١٠٤٤] فلا يُكره فيهما.

٦٦٤٧ - وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ) (٢)، بضم العين المهملة وفتح الفاء، مولى الأنصار المصريُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ) عبد الله المصريُّ (عَنْ يُونُسَ) بن يزيدَ الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ، أنَّه (قَالَ: قَالَ سَالِمٌ) هو ابنُ عبد الله بنِ عمر: (قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ عُمَرَ) (يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ : إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ) جملة «يَنْهاكم» في محلِّ


(١) في (ع): «حلف».
(٢) في غير (د) زيادة: «هو سعيد بن عفير»: ولا معنى لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>