للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شريفًا، فتعجَّبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومةً فأُعطِي الحكمة، فانتبه وهو يتكلَّم بها، وكان عبدًا حبشيًّا. والحكمة -كما في «الأنوار» -: استكمال النَّفس الإنسانيَّة باقتباس العلوم النَّظريَّة، واكتساب الملكة التَّامَّة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقته (١).

(﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ [لقمان: ١٢]) «أن» المفسِّرة، فسَّر إيتاء الحكمة بقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ ثمَّ بيَّن أنَّ الشُّكر لا ينفع إلَّا الشَّاكر (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ﴾) في مشيه (﴿فَخُورٍ﴾ [لقمان: ١٨]) على النَّاس بنفسه، وسقط لأبي ذرٍّ «﴿أَنِ اشْكُرْ﴾ … » إلى آخره، وقال: «إلى قوله: ﴿عَظِيمٌ﴾» يعني: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ولأبي الوقت: «﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ﴾ إلى قوله (٢): ﴿فَخُورٍ﴾ [لقمان: ١٦]» الضَّمير في ﴿إِنَّهَا﴾ للخطيئة، وذلك أنَّ ابن لقمان قال لأبيه: يا أبت إن عملتُ الخطيئة حيث لا يراني أحدٌ، كيف يعلمها الله تعالى؟ فقال: ﴿يَا بُنَيَّ﴾ … الآيةَ، والفاء في ﴿فَتَكُن﴾ لإفادة الاجتماع، يعني: إن كانت صغيرةً، ومع صغرها تكون خفيَّةً في موضعٍ حريزٍ، كالصَّخرة لا تخفى على الله، لأنَّ الفاء للاتِّصال بالتَّعقيب.

(﴿وَلَا تُصَعِّرْ﴾ [لقمان: ١٨]) بتشديد العين وهي لغة تميمٍ، وقرأ نافعٌ وأبو عمرٍو وحمزة والكسائيُّ بالألف والتَّخفيف، وهي لغة الحجاز، وهما بمعنًى (الإِعْرَاضُ بِالوَجْهِ) كما يفعله المتكبِّرون، وسقط لأبي ذرٍّ «﴿وَلَا تُصَعِّرْ﴾ … » إلى آخره.

٣٤٢٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَلْقَمَةَ) بن قيسٍ النَّخعيِّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ أنَّه (قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ) كذا في «اليونينيَّة»: (﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ﴾) عطفٌ على الصِّلة، فلا محلَّ لها، أو الواو للحال، والجملة بعدها في


(١) في (ب) و (م): «طاقتها».
(٢) «قوله»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>