للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظَّفر، وبها قال الشَّافعيُّ فجزم بالأخذ فيما إذا لم يمكن تحصيل الحقِّ بالقاضي بأن يكون منكرًا ولا بيِّنة لصاحب الحقِّ، قال: ولا يأخذ غير الجنس مع ظفره بالجنس، فإن لم يجد إلَّا غير الجنس جاز الأخذ، وإن أمكن تحصيل الحقِّ بالقاضي بأن كان مُقِرًّا مماطلًا أو منكرًا، وعليه بيِّنةٌ، أو كان يرجو إقراره لو حضر عند القاضي، وعرض عليه اليمين، فهل يستقلُّ بالأخذ أم يجب الرَّفع إلى القاضي؟ فيه للشَّافعيَّة وجهان، أصحُّهما عند أكثرهم: جواز الأخذ، واختلف المالكيَّة، والمُفتَى به عندهم: أنَّه (١) يأخذ بقدر حقِّه إنْ أَمن فتنةً أو نسبةً إلى رذيلةٍ، وقال أبو حنيفة: يأخذ من الذَّهب الذَّهبَ، ومن الفضَّة الفضَّةَ، ومن المكيلِ المكيلَ، ومن الموزون الموزونَ، ولا يأخذ غير ذلك، وفي «سنن أبي داود» من حديث المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله : «أيُّما رجلٍ ضاف قومًا فأصبح الضَّيف محرومًا، فإنَّ نصره حقٌّ على كلِّ مسلمٍ حتَّى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله»، ورواه ابن ماجه بلفظ: «ليلة الضَّيف واجبةٌ، فمن أصبح بفنائه فهو دينٌ عليه، فإن شاء اقتضى، وإن شاء ترك»، فظاهره: أنَّه يقتضي ويطالب وينصره المسلمون ليصل إلى حقِّه، لا أنَّه يأخذ ذلك بيده من غير علم أحدٍ.

(١٩) (باب مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ) جمع سقيفةٍ، وهي المكان المُظلَّل (وَجَلَسَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ) التي وقعت المبايعة فيها بالخلافة لأبي بكرٍ الصِّدِّيق ، وهذا طرفٌ من حديثٍ وصله المؤلِّف في «الأشربة» [خ¦٥٦٣٧] من حديث سهل بن سعدٍ، ومراد المؤلِّف التَّنبيهُ على جواز اتِّخاذها، وهي أنَّ صاحب جانبي الطَّريق يجوز له أن يبني سقفًا على الطَّريق تمرُّ المارَّة تحته، ولا يُقَال: إنَّه تصرُّفٌ في هواء الطَّريق (٢)، وهو تابعٌ لها يستحقُّه المسلمون؛ لأنَّ الحديث دالٌّ على جواز اتِّخاذها، ولولا ذلك لَمَا أقرَّها النَّبيُّ ولا جلس تحتها.


(١) في (د): «أن».
(٢) في (ج): «في هوى الطريق».

<<  <  ج: ص:  >  >>