فهي من الاجتنان، وهو السَّتر؛ لتكاثفِ أشجارِها وتظليلِها بالتفافِ أغصانها، وسمِّيتْ بالجنَّة وهي المرَّة الواحدة من مصدر جنَّه جنًّا إذا سترهُ فكأنَّها سُترةٌ واحدةٌ؛ لشدَّة التفافِها وإظلالها.
(وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ) سعدُ بن مالكٍ الخدريُّ ﵁، ممَّا سبق موصولًا في «بابِ يقبضُ الله الأرضَ يوم القيامة»[خ¦٦٥٢٠](قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حوتٍ) ولأبي ذرٍّ: «كبد الحوت» وزيادة الكبدِ هي قطعةٌ من اللَّحم متعلِّقةٌ بالكبدِ، وهي ألذُّ الأطعمةِ وأهنؤها.
(عَدْنٌ) في قوله: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ [التوبة: ٧٢] أي: (خُلْدٌ) بضم الخاء المعجمة وسكون اللام، وهو دوامُ البقاء، يقال:(عَدَنْتُ بِأَرْضٍ) أي: (أَقَمْتُ) بها (وَمِنْهُ المَعْدِنُ) الَّذي يُستخرج منه الجواهر كالذَّهب والفضَّة والنُّحاس والحديدِ (فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ) بكسر دال «معدن» أي: (فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ) بكسر الموحدة، ولأبي ذرٍّ:«في مقعد» بالقاف والعين بدل «معدن» والصَّواب الأوَّل. قال في «الفتح»: وكان سبب الوَهم: أنَّه لمَّا رأى أنَّ الكلام في صفة الجنَّة، وأنَّ من أوصافها ﴿مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [القمر: ٥٥] كما في آخر سورةِ القمر ظنَّه هنا كذلك، وقد ذكرهُ أبو عبيدةَ (١) بلفظ: «معدنِ صدقٍ». نعم قوله: ﴿مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ معناه: مكان القعودِ وهو يَرجعُ إلى معنى المعدنِ.