للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرغب عن نكاحها، ولا يُنكحِها خشية أن يذهب الزَّوج بمالها، فسأل النَّبيَّ عن ذلك» (فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ).

وهذا الحديث سبق في «باب ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى﴾» أوَّل هذه السُّورة [خ¦٤٥٧٤].

(٢٤) (﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا﴾) أي: زوجها (﴿نُشُوزًا﴾) بأن يتجافى عنها ويمنعها نفقته ونفسه، أو يؤذيها بشتمٍ أو ضربٍ (﴿أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: ١٢٨]) بتقليل المحادثة والمؤانسة بسبب طعنٍ في سنٍّ أو دمامةٍ أو غيرهما، و ﴿امْرَأَةٌ﴾: فاعلٌ بفعلٍ مضمرٍ واجب الإضمار، وهو من باب الاشتغال، والتَّقدير: وإن خافت امرأة خافت، ولا يجوز رفعه بالابتداء؛ لأنَّ أداة الشَّرط لا يليها إلَّا الفعل عند جمهور البصريِّين.

(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصله ابن أبي حاتمٍ: (﴿شِقَاقَ﴾) يريد قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ [النساء: ٣٥] أي: (تَفَاسُدٌ) وأصل الشِّقاق: المخالفة وكون كلِّ واحدٍ من المتخالفين في شقٍّ غير صاحبه، ومحلُّ ذكر هذه الآية قبلُ على ما لا يخفى.

(﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ﴾ [النساء: ١٢٨]) قال الإمام: المعنى: أنَّ الشُّحَّ جُعِل كالأمر المجاور للنُّفوس اللَّازم لها؛ يعني: أنَّ النُّفوس مطبوعةٌ على الشُّحِّ، وهذا معنى قول «الكشَّاف»: إنَّ الشُّحَّ قد جُعِل حاضرًا لها لا يغيب عنها أبدًا ولا تنفكُّ عنه؛ يعني: أنَّها مطبوعةٌ عليه، فالمرأة (١) لا تكاد تسمح بقسمتها وبغير قسمتها، والرَّجل لا تكاد نفسه تسمح (٢) بأن يقسم لها وأن يُمسِكها إذا رغب عنها وأحبَّ غيرها، وجملة ﴿وَأُحْضِرَتِ﴾ كقوله: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾: اعتراضٌ، قال أبو حيَّان: كأنَّه يريد أنَّ قوله: ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا﴾ معطوفٌ على قوله: ﴿فَلَا جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا﴾ (٣) فجاءت الجملتان بينهما


(١) في (ب) و (م): «كالمرأة».
(٢) في (د): «لا يكاد يسمح».
(٣) في (ج) و (ل): «عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>