وَالفَرَسِ) يعني: أنَّ الشُّؤمَ لو كان له وجودٌ في شيءٍ لكانَ في هذه الأشياءِ، فإنَّها أقبلُ الأشياءِ له، لكن لا وجودَ له فيها أصلًا. وعلى هذا فالشُّؤمُ في الحديثِ السَّابقِ وغيره محمولٌ على الإرشادِ منه ﷺ؛ يعني: إن كانَت له دارٌ يكرهُ سُكْناها، أو امرأةٌ يكرهُ صُحْبتها، أو فرسٌ لا تعجِبُه فليفارِق بالانتقالِ من الدَّارِ، ويطلقُ المرأةَ، ويبيعُ الفرس، حتَّى يزولَ عنه ما يجدهُ في نفسهِ من الكراهَةِ.
٥٠٩٥ - وبه قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمامُ (عَنْ أَبِي حَازِمٍ) سلمة بنِ دينار (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) السَّاعديِّ ﵁(أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: إِنْ كَانَ) أي: الشُّؤمُ حاصلًا (فِي شَيْءٍ فَفِي الفَرَسِ وَالمَرْأَةِ وَالمَسْكَنِ) زاد مالكٌ في «الموطأ» في آخره: «يعني: الشُّؤم». واتَّفقتْ نُسخ البُخاريِّ كلُّها على إسقاط:«الشُّؤمِ» في هذه الرواية.
وسبقَ هذا الحديثُ في «الجهاد»[خ¦٢٨٥٩] وفي (١) ذكر هذين الحديثينِ بعد الآية السَّابقة -كما قال الشَّيخ تقيُّ الدِّين السُّبكيُّ- إشارةٌ إلى تخصيصِ الشُّؤمِ بمَن تحصُلُ منها العداوةُ والفتنةُ، لا كما يفهمهُ بعضُ النَّاسِ من التَّشاؤمِ بكعبِها، وأنَّ لها تأثيرًا في ذلك، وهو شيءٌ لا يقولُ به أحدٌ من العلماء، ومن قال: إنَّها سببُ ذلك فهو جاهلٌ، وقد أطلقَ الشَّارعُ على من ينسبُ المطرَ إلى النَّوءِ الكفرَ، فكيف بمَن ينسبُ ما يقعُ من الشَّرِّ إلى المرأةِ ممَّا ليس لها فيه مدخلٌ؟ وإنَّما يتَّفقُ موافقةَ قضاءٍ وقدرٍ، فتنفرُ النَّفسُ من ذلك، فمَن وقع له ذلك فلا يضرُّهُ أن يتركها، من غيرِ أن يعتقدَ نسبةَ الفعلِ إليها.
٥٠٩٦ - وبه قال:(حَدَّثَنَا آدَمُ) بن أبي إياسٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ سُلَيْمَانَ) بن طرخانَ (التَّيْمِيِّ) البصريِّ أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ) عبد الرَّحمن بن مُلٍّ (النَّهْدِيَّ) بفتح