للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٩) (بابُ) منعِ (تَمَنِّي) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «بابُ نهي تمنِّي» (المَرِيضِ المَوْتَ) لشدَّةِ مرضهِ.

٥٦٧١ - وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) بنُ أبي إياسٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاج قال: (حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيُّ) بضم الموحدة (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ) أنَّه قال: (قَالَ النَّبِيُّ ) يخاطبُ الصَّحابةَ، والمرادُ: هم ومن بعدهم من المسلمين عمومًا (لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ) مرضٍ أو غيرهِ (أَصَابَهُ) وفي رواية أبي هريرةَ: «لا يتمنَّى» بياء ثابتةٍ خطًّا في كتبِ الحديث، فلعلَّه نهيٌ ورد على صيغة الخبرِ، والمرادُ منه: لا يتمنَّ، فأُجريَ مجرى الصَّحيح. وقال البيضاويُّ: هو نهيٌ أخرج في صُورة النَّفي (١) للتَّأكيد. انتهى.

قال في «شرح المشكاةِ»: وهذا أولى لقوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً﴾ [النور: ٣] قال في «الكشَّاف» عن عَمرو بن عُبيد: (لا يَنكح) بالجزم على النَّهي والمرفوعُ أيضًا فيه معنى النَّهي ولكن أبلغ وآكدُ، كما أنَّ رحمكَ الله ويرحمكَ الله أبلغُ من ليرحمكَ الله. قال الطِّيبيُّ: وإنَّما كان أبلغ لأنَّه قدَّر أنَّ المنهيَّ حين ورد النَّهي عليه انتهى عن المنهيِّ عنه، وهو يخبرُ عن انتهائِه، ولو تركَ على النَّهي المحضِ ما كان (٢) أبلغَ، كأنَّه يقول: لا ينبغِي للمؤمنِ المتزوِّد للآخرة والسَّاعي في ازديادِ ما يثابُ عليه من العملِ الصَّالح أن يتمنَّى ما يمنعُه عن السُّلوك بطريقِ الله، وعليه قوله: «خياركُم من طالَ عمرهُ، وحسُنَ عملهُ» لأنَّ مَن شأنُه الازدياد والتَّرقِّي من حالٍ إلى حالٍ ومن مقامٍ إلى مقامٍ حتَّى ينتهيَ إلى (٣) مقامِ القربِ كيف يطلبُ القطعَ عن محبوبهِ. انتهى.


(١) في (ص): «النهي».
(٢) في (د) و (م): «لكان»، وفي (ص): «لما كان».
(٣) في (م): «من».

<<  <  ج: ص:  >  >>