-كما نُقِل عن الشَّافعيِّ-: أنَّه قد يفضي الغمس إلى الموت، سيَّما إذا (١) كان المغموس فيه حارًّا، فلو نجَّسه لَمَا أمر به، لكن هذا الإطلاق قيَّده في «المهمَّات» بما إذا لم يتغيَّر الماء به، فإن تغيَّر فوجهان، والصَّحيح: أنَّه ينجس، وحكى في «الوسيط» عن «التَّقريب» قولًا فارقًا: بين ما تعمُّ به البلوى، كالذُّباب والبعوض فلا ينجس، وبين ما لا تعمُّ، كالعقارب والخنافس فينجس. وحكاه الرَّافعيُّ في «الصَّغير». قال الإسنويُّ: وهو متعيّنٌ لا مَحيد عنه، لأنَّ محلَّ النَّصِّ فيه معنيان مناسبان: عدم الدَّم المتعفِّن، وعموم البلوى، فكيف يُقاس عليه ما وُجِد فيه أحدهما؟ بل المتَّجَه اختصاصه بالذُّباب؛ لأنَّ غمسه لتقديم الدَّاء، وهو مفقودٌ في غيره.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «الطِّبِّ»[خ¦٥٨٧٢] وابن ماجه فيه أيضًا.
٣٣٢١ - وبه قال:(حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ) بتشديد الموحَّدة، أبو عليٍّ الواسطيُّ قال:(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) بن يوسف الواسطيُّ (الأَزْرَقُ) قال: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ) الأعرابيُّ (عَنِ الحَسَنِ) البصريِّ (وَابْنِ سِيرِينَ) محمَّدٍ، كلاهما (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ) أنَّه (قَالَ: غُفِرَ) بضمِّ أوَّله مبنيًّا للمفعول، أي: غفرَ اللهُ (لاِمْرَأَةٍ) لم تُسَمَّ (مُومِسَةٍ) بميمٍ مضمومةٍ فواوٍ ساكنةٍ فميمٍ مكسورةٍ فسينٍ مهملةٍ زانيةٍ (مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ) بفتح الرَّاء وكسر الكاف وتشديد التَّحتيَّة، بئرٍ لم تُطوَ (يَلْهَثُ) بالمثلَّثة: يُخرِج لسانه عطشًا (قَالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا) من رجلها (فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا) بكسر الخاء المعجمة، بنَصِيْفها (فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ المَاءِ) استقت للكلب بخفِّها من الرَّكِيَّة (فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ) أي: بسبب سقيها الكلب. وفيه: أنَّ الله تعالى يتجاوز عن الكبيرة بالعمل اليسير تفضُّلًا منه.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «الطَّهارة»[خ¦١٧٣] و «الشُّرب»[خ¦٢٣٦٣]، والنَّسائيُّ.