للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٤) هذا (بابٌ) بالتَّنوين في قولهِ تعالى: (﴿يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ [الأنفال: ٢٤]) قال الواحديُّ حكايةً عن ابن عبَّاس والضَّحَّاك: يحولُ بين المرءِ الكافر وطاعتهِ، ويحولُ بين المطيعِ ومعصيتهِ، فالسَّعيد من أسعدَه الله، والشَّقيُّ من أضلَّه الله، والقلوبُ بيدِ الله يقلِّبُها كيف يشاءُ (١).

وقال السُّديُّ: يحولُ بين الإنسانِ وقلبه، فلا يستطيعُ أن يؤمنَ ولا أن يكفرَ إلَّا بإذنهِ.

٦٦١٧ - وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ) المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ) بضم العين وسكون القاف (عَنْ سَالِمٍ، عَنْ) أبيه (عَبْدِ اللهِ) بن عمر ، أنَّه (قَالَ: كَثِيرًا) نصب صفة لمصدر محذوفٍ، أي: يحلف حلفًا (٢) كثيرًا (مِمَّا (٣) كَانَ النَّبِيُّ يَحْلِفُ) أي: يريد أن يحلفَ، من ألفاظ الحلف (لَا) أفعلُ أو لا أتركُ (وَ) حقِّ (مُقَلِّبِ القُلُوبِ) وهو الله ﷿. قال في «الفتح»: وكأنَّ البخاريَّ أشار إلى تفسيرِ الحيلولةِ الَّتي في الآية بالتَّقلُّب الَّذي في الحديثِ أشار إلى ذلك الرَّاغب وقال: المراد: أنَّه يُلقي في قلبِ الإنسان ما يَصرفه عن مُراده لحكمةٍ تقتضِي ذلك، وحقيقةُ القلوب لا تنقلبُ، فالمراد: تقلُّب أعراضِها وأحوالهَا من الإرادةِ وغيرها. وقال ابنُ بطَّالٍ: الآيةُ نصٌّ في أنَّ الله تعالى خلقَ الكفْرَ والإيمان، وأنَّه يحولُ بين قلبِ الكافرِ وبين الإيمان الَّذي أَمرهُ به، فلا يكتسبُه (٤) إن لم يُقْدِرْهُ عليه بل أقدَره على ضدِّه وهو الكفر، وكذا في المؤمنِ بعكسهِ، فتضمَّنت الآيةُ أنَّه خالقُ جميع أفعالِ العبد خيرِها وشرِّها، وهو معنى قولهِ: «مقلِّب القلوبِ» لأنَّ معناه: تقليبُ قلب العبدِ عن إيثارِ الإيمان إلى إيثارِ الكفر وعكسه، وكلُّ فعلٍ لله عدلٌ فيمَن أضلَّه وخذلَه؛ لأنَّه لم يمنعْهم حقًّا وجب لهم عليه. انتهى.


(١) في (ص): «شاء».
(٢) «حلفًا»: ليست في (د).
(٣) في (ب) و (س): «ما».
(٤) في (ب) و (س): «يكسبه»، وكذا في «الفتح».

<<  <  ج: ص:  >  >>