للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الجُذام ونحوه مخصوصٌ من عموم نفي العدوى، فيكونُ المعنى لا عدوى إلَّا من الجُذامِ والبرصِ والجربِ مثلًا، قالهُ القاضي أبو بكرٍ الباقلانيُّ، وقيل: الأمرُ بالفرارِ ليس من بابِ العدوى، بل لأمرٍ طبيعيٍّ، وهو انتقالُ الدَّاء من جسدٍ إلى جسدٍ بواسطة الملامسةِ والمخالطةِ وشمِّ الرَّائحةِ، فليس على طريقِ العَدوى بل بتأثيرِ الرَّائحةِ؛ لأنَّها تسقمُ مَنْ واظبَ اشتمامها ونحو ذلك، قالهُ ابنُ قُتيبة، وهو قريبٌ، وقيل: المرادُ بالفرارِ رعايةُ خاطرِ المجذومِ لأنَّه إذا رأى الصَّحيح البَدَنِ سليمًا من الآفة الَّتي (١) به عظمتْ مُصيبتهُ وحسرتُه واشتدَّ أسفهُ على ما ابتُليَ به، ونسيَ سائر ما أنعم اللهُ عليه، فيكونُ سببًا لزيادة محنةِ أخيهِ المسلمِ وبلائه، وقيل: لا عَدوى أصلًا رأسًا، والأمرُ بالفرار إنَّما هو حسمٌ للمادَّة وسدٌّ للذَّريعةِ؛ لئلَّا يحدُثَ للمُخالط شيءٌ من ذلك، فيظنُّ أنَّه بسبب المخالطة فيثبِتُ العدوى الَّتي نفاها ، فأمرَ (٢) بتجنُّب ذلك شفقةً منه ورحمةً، ويأتي مَزِيدٌ لذلك إن شاء اللهُ تعالى بعون اللهِ [خ¦٥٧٧٥].

(٢٠) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (المَنُّ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ) أي: من داء العينِ، والمَنُّ بفتح الميم وتشديد النون، كُلُّ طَلٍّ (٣) ينزلُ من السَّماء على شجرٍ أو حجرٍ، ويَحلو وينعقدُ عسلًا ويجفُّ جفافَ الصَّمغِ (٤) كالشِّيرَخُشْتِ والتَّرَنْجَبِين، والمعروفُ بالمنِّ ما وقعَ على شجرِ البلُّوط معتدلٌ نافعٌ للسُّعال الرَّطب والصَّدر والرِّئة، وأطلقَ المؤلِّفُ على المنِّ شفاءً لأنَّ الحديثَ ورد أنَّ الكمأةَ منهُ وفيها شفاءٌ؛ فإذا ثبتَ الوصفُ للفرعِ كان ثبوتُه للأصلِ أولى.


(١) في (م) زيادة: «هي».
(٢) في (ص): «فإنه».
(٣) في (د) و (م): «الطل».
(٤) في (ص) زيادة: «ويجف».

<<  <  ج: ص:  >  >>