للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩) هذا (بابٌ) بالتَّنوين يذكرُ فيه قوله تعالى: (﴿وَحَرَامٌ﴾) ولأبوي الوقت وذرٍّ وابنِ عساكرَ: «﴿وَحِرُمٌ﴾» بكسر الحاء وسكون الراء، وهي قراءةُ أبي بكر وحمزة والكسائيِّ، وهما لغتان كالحِلّ والحَلال وزنًا، وضدُّه معنًى، أي: وممتنعٌ (﴿عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥]) قال في «الكشاف»: استعيرَ الحرام الممتنعُ وجودُه (١)، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ٥٠] أي: منعهمَا منهم، وأبى أن يكونَا لهم، ومَعنى ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾: عزمْنَا على إِهلاكِها أو قدَّرْنا إهلاكَها، ومعنى الرُّجوع: الرُّجوع من الكفرِ إلى الإسلامِ والإنابةُ، ومجازُ الآيةِ أنَّ قومًا عزمَ الله على إِهْلاكهم غير متصوَّر أن يرجعُوا وينيبُوا إلى أنْ تقومَ القيامةُ، فحينئذٍ يرجعون. انتهى.

والظَّاهر كما قال بعضهم: إنَّ المعنى ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ عدمُ رجوعِهم إلينا في القيامةِ، فتكون الآيةُ واردةً في تقريرِ أمرِ البعثِ والتَّفخيمِ لشأنهِ (٢)، وهذا يتعيَّن المصيرُ إليه لأوجه:

أحدها: أنَّه ليس فيه مخالفةٌ للأصولِ بخلاف غيره ممَّا يُدَّعى (٣) فيهِ زيادةُ «لا» وكونه في طائفةٍ مخصوصةٍ، وكون ﴿حَرَامٌ﴾ بمعنى «ممتنع» أو بمعنى «واجب»، كما قيل في قولهِ:

وَإِنَّ حَرَامًا لَا أَرَى الدَّهْرَ بَاكِيًا … عَلَى شَجْوِهِ إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى عَمْرٍو

الثَّاني: أنَّ سياقَ الآية قبلَها وبعدها واردٌ في أمر البعثِ، وهو قوله: ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٣] وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ﴾ [الأنبياء: ٩٦].

الثَّالث: أنَّ حملَها على الرُّجوع إلى الدُّنيا لا كبير (٤) فائدةٍ، فإنَّه معلومٌ عند المخاطبين من


(١) كذا وعبارة «الكشاف»: «استعير الحرام للممتنع».
(٢) في (د): «وتفخيم شأنه».
(٣) في (ع) و (د): «غيره فادعى»، وفي (ص) و (ل): «فايدَّعى».
(٤) في (ص): «كثير».

<<  <  ج: ص:  >  >>