للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

((٥١)) (بسم الله الرحمن الرحيم. كِتَابُ الهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ وابن شَبُّويه: «فيها» بدل قوله: «عليها»، وأخَّر النَّسَفِيُّ البسملة. والهِبة -بكسر الهاء- مصدرٌ من وهب يَهَب، وأصلها: وهب، لأنَّها معتلَّة (١) الفاء كالعِدَة، أصلها: وعد، فلما حذفت الفاء (٢) عوِّض عنها الهاء، فقيل: هِبَة وعِدَة، ومعناها في اللُّغة: إيصال الشَّيء للغير بما ينفعه مالًا كان أو غير مال، يقال: وهبه له -كوَدَعَه- وَهْبًا ووَهَبًا وهِبَة، ولا تقل: وَهَبَكَهُ، وحكاه أبو عَمْرو عن أعرابيٍّ، والموهبة: العطيَّة، وهي في الشَّرع تمليكٌ (٣) بلا عِوَض في الحياة، وأُورد عليه ما لو أَهْدَى لغنيٍّ من لحم أضحية أو هَدْيٍ أو عقيقةٍ، فإنَّه هبةٌ ولا تمليكَ فيه، وما لو وقف شيئًا، فإنَّه تمليكٌ بلا عِوَض، وليس بهبةٍ. وأُجيبَ عن الأوَّل بمنعِ أنَّه لا تمليك فيه، بل فيه تمليكٌ، لكنْ يُمنع من التَّصرُّف فيه بالبيع ونحوه، كما عُلِم من «باب الأضحية»، وعن الثاني: بأنَّه تمليك منفعةٍ، وإطلاقُهم التَّمليك إنَّما يريدون به الأعيان، وهي شاملةٌ للهديَّة والصَّدقة، فأمَّا الهديَّة، فهي تمليكُ ما يُبعَث غالبًا بلا عِوَض إلى المُهدَى إليه إكرامًا له، فلا رجوع فيها إذا كانت لأجنبيٍّ، فإن كانت من الأب لولده، فله الرُّجوع فيها بشرط بقاء الموهوب في سلطنة المتَّهَب، ومنها الهَدْي المنقول إلى الحَرَم، ولا يقع اسم الهديَّة على العقار، لامتناع نقله،


(١) في (د ١) و (ص): «لأنَّه معتلٌّ».
(٢) في (د ١) و (ص): «الواو».
(٣) من هنا سقط في (د)، وسيستمر إلى شرح الحديث (٢٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>