للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال حذيفة : (وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ) بتشديد الياء (زَمَانٌ) كنت أعلم فيه أنَّ الأمانة موجودةٌ في النَّاس (وَلَا أُبَالِي أَيُّكُمْ بَايَعْتُ؟) أي: بعت واشتريت (١) غير مُبالٍ بحاله (لَئِنْ) بفتح اللَّام وكسر الهمزة (كَانَ مُسْلِمًا؛ رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلَامُ) بتشديد التَّحتيَّة من «عليَّ»، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «إسلامه» فلا يخونني (٢)، بل يحمله إسلامه على أداء الأمانة، فأنا واثقٌ (٣) بأمانته (وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا) أو يهوديًّا (رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ) الذي أُقيم عليه؛ فهو يقوم بولايته، ويَستخرج منه حقِّي (وَأَمَّا اليَوْمَ) فقد ذهبت الأمانة، وظهرت الخيانة، فلست أثق بأحدٍ في بيعٍ ولا شراءٍ (فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا) أي: أفرادًا من النَّاس قلائل ممَّن أثق بهم (٤)، فكان يثق بالمسلم لذاته، وبالكافر لوجود ساعيه؛ وهو الحاكم الذي يحكم عليه، وكانوا لا يستعملون في كلِّ عملٍ قلَّ أو جلَّ إلَّا المسلم، فكان واثقًا بإنصافه وتخليصه حقَّه من الكافر إن خانه، بخلاف الوقت الأخير، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ حال الأمانة أخذ في النَّقص من ذلك الزَّمان، وكانت وفاة حذيفة أوَّل (٥) سنة ستٍّ وثلاثين بعد قتل عثمان بقليلٍ، فأدرك بعض الزَّمن الذي وقع فيه التَّغيير.

وهذا الحديث سبق بعينه سندًا ومتنًا في: «باب رفع الأمانة» من «كتاب الرِّقاق» [خ¦٦٤٩٧].

(١٤) (باب التَّعَرُّبِ) بفتح العين المهملة وضمِّ الرَّاء المشدَّدة، بعدها مُوحَّدةٌ: الإقامة بالبادية، والتَّكلُّف في صيرورته أعرابيًّا، ولأبي ذرٍّ: «التَّغرُّب» بالغين المعجمة (فِي الفِتْنَةِ) ولكريمة: «التَّعزُّب» بالعين المهملة والزَّاي؛ ومعناه: يعزب عن الجماعات والجهات، ويسكن البادية، قال صاحب «المطالع»: وجدته بخطِّي في «البخاريِّ» بالزَّاي، وأخشى أن يكون وهمًا.


(١) في (د): «أو اشتريت».
(٢) في (ع): «فيخونني»، وهو خطأ.
(٣) في (ع): «أوثق».
(٤) في (ص) و (ع): «به».
(٥) «أوَّل»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>