للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ (١): بلغنا أنَّه ترك ذلك لمَّا نزلت، قال: وهذا البلاغ لا يصحُّ، وقصَّة رعلٍ وذكوان أجنبيَّةٌ عن قصَّة أُحدٍ، فيُحتَمل أنَّ قصَّتهم كانت عقب ذلك، وتأخَّرَ نزولُ الآية عن سببها قليلًا، ثمَّ نزلت في جميع ذلك، وقد ورد في سبب نزول الآية شيءٌ آخر غير منافٍ لِمَا سبق في قصَّة أحدٍ، فعند مسلمٍ من حديث أنس: أنَّ النَّبيَّ كُسِرَت رَبَاعيته يوم أحدٍ وشُجَّ وجهه حتَّى سال الدَّم على وجهه، فقال: «كيف يفلح قومٌ فعلوا هذا بنبيِّهم وهو يدعوهم إلى ربِّهم؟!» فأنزل الله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨] وأورده المؤلِّف في «المغازي» معلَّقًا بنحوه [خ¦٦٤/ ٢١ م-٦٠٠٢] وطريق الجمع بينه وبين حديث ابن عمر المسوق أوَّل هذا الباب [خ¦٤٥٥٩]: أنَّه دعا على المذكورين بعد ذلك في صلاته، فأنزل الله الآية في الأمرين جميعًا؛ فيما وقع له من كسر الرَّباعية وشجِّ الوجه، وفيما نشأ عن ذلك من الدُّعاء عليهم، وذلك كلُّه في أحدٍ، فعاتبه الله تعالى على تعجيله في القول برفع الفلاح عنهم؛ حيث قال: «كيف يفلح قومٌ؟» أي: لن يفلحوا أبدًا، فقال الله له (٢): ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨] أي: كيف تستبعد الفلاح وبيد الله أزمَّة الأمور التي في السَّموات والأرض ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء﴾ [آل عمران: ١٢٩]؟! وليس لك من الأمر إلا التَّفويض والرِّضا بما قضى، وسقط لأبي ذرٍّ قوله: «الآية» والحديث رواه النَّسائيُّ.

(١٠) (باب قوله) تعالى: (﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ﴾) مبتدأٌ وخبرٌ في موضع نصبٍ على الحال، ودعوة الرَّسول: «إليَّ عباد الله، إليَّ عباد الله (٣)» يدعوهم إلى ترك الفرار من العدوِّ، وإلى الرَّجعة والكرَّة (﴿فِي أُخْرَاكُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٣]) قال البخاريُّ تبعًا لأبي عبيدة: (وَهْوَ) أي: ﴿أُخْرَاكُمْ﴾ (تَأْنِيثُ: آخِرِكُمْ) بكسر الخاء المعجمة، قال في «الفتح» و «العمدة» و «التَّنقيح»:


(١) زيد في النُّسخ: «قال»، والمثبت موافقٌ لما في «مسلمٍ» (٦٧٥).
(٢) «له»: ليس في (د).
(٣) «إليَّ عباد الله»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>