جنب الدَّرجة السُّفلى منه (ثُمَّ عَادَ) إلى المنبر، وفي رواية هشام بن سعدٍ عن أبي حازمٍ عند الطَّبرانيِّ: فخطب النَّاس عليه، ثمَّ أُقِيمت الصَّلاة، فكبَّر وهو على المنبر، فأفادت هذه الرِّواية تقدُّم الخطبة على الصَّلاة. (فَلَمَّا فَرَغَ) من الصَّلاة (أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ) بوجهه الشَّريف (فَقَالَ)﵊ مبيِّنًا لأصحابه رضي الله تعالى عنهم حكمة ذلك: (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي) بكسر اللَّام وفتح المُثنَّاة الفوقيَّة والعين، أي: لتتعلَّموا، فحُذِفت إحدى التَّاءين تخفيفًا. وفيه: جوازُ العمل اليسير في الصَّلاة. وكذا الكثير إن تفرَّق، وجواز قصد تعليم المأمومين أفعال الصَّلاة بالفعل، وارتفاع الإمام على المأمومين، وشروع الخطبة على المنبر لكلِّ خطيبٍ، واتِّخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسَّماع منه.
ورواةُ الحديث واحدٌ منهم بلخيٌّ وهو شيخ المؤلِّف، والاثنان بعده مدنيَّان، وفيه: التَّحديث والقول، وأخرجه مسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ.
٩١٨ - وبه قال:(حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ) وهو سعيد بن الحكم بن محمَّد بن سالم بن أبي مريم، الجمحيُّ بالولاء، المصريُّ، المُتوفَّى سنة أربعٍ وعشرين ومئتين (قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) هو ابن أبي كثيرٍ الأنصاريُّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) الأنصاريُّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (ابْنُ أَنَسٍ) هو حفص بن عبيد الله بن أنسٍ (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ﵁(قَالَ: كَانَ جِذْعٌ) بكسر الجيم وسكون المُعجَمة، واحدُ جذوعِ النَّخل (يَقُومُ إِلَيْهِ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت، عن الحَمُّويي والمُستملي:«يقوم عليه»(النَّبِيُّ) وللأَصيليِّ: «رسول الله»(ﷺ) إذا خطب النَّاس (فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ المِنْبَرُ) أي: لأجل الخطبة، وهو موضع التَّرجمة (سَمِعْنَا لِلْجِذْعِ) المذكور صوتًا (مِثْلَ أَصْوَاتِ العِشَارِ) بكسر العين المُهمَلة ثمَّ شينٍ