نعم، ولكن أَرْجِعُ إلى رسول الله ﷺ فأستأمرْهُ، فقالت: أَبِي تتبرَّم؟ ثمَّ استغاثتْ عليه، فضربوهُ ضربًا شديدًا ثمَّ خلوا سبيله، فلمَّا قضَى حاجته بمكَّة وانصرفَ إلى رسولِ الله ﷺ فأعلمه الَّذي كان من أمرهِ وأمر عَنَاق، وقال: يا رسول الله، أيحلُّ لي أن أتزوَّجها؟ فأنزلَ الله تعالى الآية.
٥٢٨٥ - وبه قال:(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ) ولأبي ذرٍّ: «اللَّيث» هو ابنُ سعدٍ الإمام (عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ)﵄(كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَاليَهُودِيَّةِ، قَالَ: إِنَّ اللهَ حَرَّمَ المُشْرِكَاتِ عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ) بالموحدة، ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكرَ:«أكثر» بالمثلثة بدل الموحدة (مِنْ أَنْ تَقُولَ المَرْأَةُ رَبُّهَا عِيسَى) إشارة إلى قول النَّصارى: المسيحُ ابن الله، واليهود: عزيرٌ ابن الله (وَهْوَ) أي: عيسى (عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللهِ) وهذا مصيرٌ من ابن عمر إلى استمرارِ حُكم عمومِ آية البقرة السَّابقة، ولعلَّه كان يرى أنَّ آية المائدة منسوخة، وبه جزمَ إبراهيمُ الحربيُّ. والجمهورُ على أنَّ عموم آية البقرة خُصَّ بآية المائدة وهي قوله (١) تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥] أي: التَّوراة والإنجيل، وعن بعض السَّلف: أنَّ المرادَ بالمشركات عبدةُ الأوثانِ والمجوس، وقد قيل: إنَّ القائلَ من اليهود والنَّصارى العزير ابن الله، والمسيح ابن الله طائفتان انقرضُوا لا كلهم، ويهود ديار مصر مصرِّحون بالتَّنزيه عن ذلك وبالتَّوحيد، وروى ابن المنذر: أنَّ ابن عمر شذَّ بذلك، فقال: لا يحفظُ عن أحدٍ من الأوائلِ أنَّه حرَّم ذلك. لكن روى ابنُ أبي شيبة بسندٍ حسنٍ عن عطاء: كراهيةَ نكاحِ اليهوديَّة والنَّصرانيَّة، وروي عن عمر أنَّه كان يأمرُ بالتَّنزُّه عنهنَّ من غيرِ أن يحرِّمهنَّ لخلطة الكافرةِ وخوف الفتنةِ على الولد؛ لأنَّه في صغرهِ ألزم لأمِّه، ومثلُه قول مالكٍ ﵀: تصير تشربُ الخمر وهو يقبِّلُ ويُضاجع لا لعدم الحلِّ، ويدلُّ على الحلِّ تزوُّج بعض الصَّحابة منهم وخطبة بعضهم، فمن المتزوِّجين: حُذيفة، وطلحةُ، وكعبُ بن مالك، وقد خطب المغيرةُ بن شُعبة