وقال محمَّد بن عبد الرَّحمن الدَّغوليُّ: كتب أهل بغداد إلى محمَّد بن إسماعيل كتابًا فيه:
المسلمون بخيرٍ ما بقيتَ لهمْ … وليس بعدكَ خيرٌ حين تُفتقَدُ
وقال: وكان رحمه الله تعالى غايةً في الحياء، والشَّجاعة والسَّخاء، والورع والزُّهد في دار الدُّنيا دار الفناء، والرَّغبة في دار البقاء، وكان يختم في رمضان في كلِّ يومٍ ختمةً، ويقوم بعد صلاة التَّراويح كلَّ ثلاث ليالٍ بختمةٍ.
وقال ورَّاقه: كان يصلِّي في وقت السَّحر ثلاث عشْرة ركعةً، وقال أيضًا: دُعِيَ محمَّد بن إسماعيل إلى بستانٍ، فلمَّا صلَّى بهم الظُّهر قام يتطوَّع، فلمَّا فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه، وقال لبعض مَنْ معه: انظر، هل ترى تحت قميصي شيئًا؟ فإذا زنبورٌ قد لسعه في ستَّة عشر أو سبعة عشر موضعًا، وقد تورَّم من ذلك جسده، فقال له بعض القوم: كيف لم تخرج من الصَّلاة أوّل ما لسعك؟! قال: كنت في سورةٍ، فأحببت أن أتمَّها، وقال: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أنِّي اغتبت أحدًا، ويشهد لهذا كلامه في التَّجريح والتَّضعيف، فإنَّه أبلغ ما يقول في الرَّجل المتروك أو السَّاقط: فيه نظرٌ، أو سكتوا عنه، ولا يكاد يقول: فلانٌ كذَّابٌ.
وقال ورَّاقه: سمعته يقول: لا يكون لي خصمٌ في الآخرة، فقلت: يا أبا عبد الله، إنَّ بعض النَّاس ينقم عليك «التَّاريخ»، يقول: فيه اغتيابُ النَّاس، فقال: إنَّما رَوَينا ذلك روايةً، ولم نَقُلْهُ من عند أنفسنا. وقد قال ﷺ:«بئس أخو العشيرة».
وقال: ما اغتبت أحدًا منذ علمت أنَّ الغِيبة تضرُّ أهلها، وكان قد ورث من أبيه مالًا كثيرًا، فكان يتصدَّق به.