للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بشاةٍ فحُلِبَتْ فشربَ حِلابها، ثمَّ أُخرى ثمَّ أُخرى حتَّى شرب حلابَ سبعِ شياهٍ، ثمَّ إنَّه أصبحَ فأسلمَ، فأمر له بشاةٍ فشربَ حلابها، ثمَّ بأُخرى (١) فلم يَسْتَتِمَّها» (فَقَالَ: إِنَّ المُؤْمِنَ) لعدم شرههِ، وعلمهِ بأنَّ مقصودَ الشَّرع من الأكلِ ما يسدُّ الجوع، ويعينُ على العبادةِ مع ما يحذِّره من الحساب على ذلك (يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرَ) بالنَّصب عطفًا على المنصوب بإنَّ لكثرة شرههِ وعدمِ وقوفهِ على مقصود الشَّرع، وحذره من (٢) تبعاتِ الحساب والحرام (يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ) فصار نسبةُ أكلِ المسلم إلى أكلِ الكافر بقدرِ السُّبع منه، ومن أعملَ فكرهُ فيما يصيرُ إليه منعَه من استيفاءِ شهوته.

وفي حديثِ أبي أُمامة رفعه: «من كثرَ تفكُّره قلَّ مَطْعمه، ومن قلَّ تفكُّره كثرَ مَطْعمه وقسا قلبُه». وقالوا: لا تدخل الحكمةُ معدةً مُلِئت من الطَّعام، ومن قلَّ طعامُه قلَّ شُرْبه، وخفَّ منامه (٣)، ومن خفَّ منامه ظهرتْ بركةُ عمره، ومن امتلأَ بطنُه كثرَ شربه، ومن كثرَ شُربه ثقلَ نومه، ومَن ثقلَ نومه محقتْ بركةُ عُمره.

وعند الطَّبرانيِّ من حديث ابنِ عبَّاسٍ قال رسولُ الله : «إنَّ أهلَ الشِّبع في الدُّنيا هم أهلُ الجوعِ غدًا في الآخرة». وعند البيهقيِّ في «الشعب» من حديث عائشة: أنَّ رسول الله أراد أن يشتريَ غلامًا فألقى بين يديهِ تمرًا فأكلَ الغلامُ فأكثرَ، فقال رسولُ الله : «إنَّ كثرةَ الأكلِ شؤمٌ» وأمرَ بردِّه.

(١٣) (بابُ) حكم (الأَكْلِ) حال كونَ الآكل (مُتَّكِئًا) على أحدِ جنبيهِ كالمتجبِّر، أو على الأيسرِ منهما، أو هو التَّمكُّن في الجلوسِ للأكلِ على أيِّ صفةٍ كانت (٤)، أو الاعتمادُ على الوطَاء الَّذي تحتَه فعل من يستكثرُ من الطَّعام، وبهذا الأخير جزم الخطابيُّ.


(١) «ثمَّ بأخرى»: ليست في (م).
(٢) في (م) و (د): «في».
(٣) في (م) هنا والموقع التالي: «نومه».
(٤) في (د): «كان».

<<  <  ج: ص:  >  >>