للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤيِّدُه ما وقع في حديثِ ابنِ مسعودٍ في نحو هذه القِصَّة: فقال النبيُّ : «فاعبرها يا أبا بكر» فقال: أَلِي الأمرَ مِن بعدِكَ، ثمَّ يليه عمرُ، قال: كذلك عبَّرها المَلك، أخرجه الطبرانيُّ، لكن في إسنادِه أيوب بن جابر، وهو ضعيف (ثُمَّ أَخَذَهَا) أي: الذَّنوب (عُمَرُ) بنُ الخَطَّابِ (فَاسْتَحَالَتْ) أي: انقلبتْ (بِيَدِهِ غَرْبًا) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء بعدَها موحَّدة، دَلْوًا عظيمًا أكبر من الذَّنوب، وفيه إشارةٌ إلى عِظَمِ الفتوح التي كانتْ في زمنه وكثرتِها، وكان كذلك (١)، ففتح (٢) الله تعالى عليه من البلاد والأموال والغنائم، ومصَّر الأمصار، ودوَّن الدواوين، لطول مُدَّتِه (فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا) بفتح العين المهملة وسكون الموحَّدة وفتح القاف وكسر الراء وتشديد التحتيَّة، كاملًا قويًّا سيِّدًا (فِي النَّاسِ يَفْرِي) بفتح التحتيَّة وسكون الفاء وكسر الراء (فَرِيَّهُ) بفتح الفاء وكسر الراء وتشديد التحتيَّة، يعملُ عملَه ويقوى قوَّتَه (حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ (٣)) بفتح العين والطاء المهملتين آخره نون، مُناخ الإبل إذا صدرت عن الماء، والعَطَن للإبل كالوطن للناس، لكن غلب على مَبْرَكِها حول الحوض، وقال ابن الأنباريِّ: معناه: حتى رَوَوْا وأَرْوَوا إِبِلَهُم وأَبْرَكُوها وضربوا لها عَطَنًا، أي: لتشرب عَللًا بعد نَهَل، وتستريح فيه، وقال القاضي عِياض: ظاهرُ هذا الحديث أنَّه عائدٌ إلى خلافة عمرَ، وقيل: يعود إلى خلافتهما معًا، لأنَّ أبا بكرٍ جَمَعَ شملَ المسلمين أوَّلًا بدفع أهل الرِّدَّة، وابتدأ الفتوح في زمانه (٤)، ثم عهد إلى عمرَ، فكثُرت في خلافتِه الفتوحُ، واتَّسَعَ أمرُ الإسلام، واستقرتْ قواعدُه (وَقَالَ هَمَّامٌ) هو ابن مُنَبِّه ممَّا وصله في «التعبير» [خ¦٧٠٢٢] من هذا الوجه ومن غيرِه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: «سمعتُ أبا هريرةَ » (عَنِ النَّبِيِّ ) أنَّه قال: (فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبَيْنِ) ولأبي ذرٍّ: «ذنوبًا أو ذنوبين». وبقية المباحث تأتي إن شاء الله تعالى في محالِّها [خ¦٧٠٢٢].


(١) في غير (د) و (س): «ذلك».
(٢) في (ص) و (م): «فتح».
(٣) تصحف في (ب): «بطعن».
(٤) في (ب) و (س): «زمنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>