(١٣)(باب مَنْ تَعَوَّذَ بِاللهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَقولهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ [الفلق: ١]) أي: الصُّبح، أو الخلْق، أو هو وادٍ في جهنَّم أو جبٌّ فيها (﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ [الفلق: ٢]) الشَّيطان خاصَّة؛ لأنَّ الله تعالى لم يخلقْ خلقًا أشرَّ منه، وقيل: جهنَّم وما خلق فيها، وقيل: عامّ، أي: من شرِّ كلِّ ذي شرٍّ خلقَه الله، و «ما» موصولة والعائد محذوفٌ، أو مصدريَّة ويكون الخلق بمعنى المخلوق، وقرأ بعض المعتزلة الَّذين يرون أنَّ الله لم يخلق الشَّرَّ:(من شرٍّ) بالتَّنوين، (ما خلق) على النَّفي وهي قراءةٌ مردودةٌ مبنيَّة على مذهبٍ باطلٍ، وهذه السُّورة دالَّةٌ على أنَّ الله تعالى خالقُ كلِّ شيءٍ، ففيها الرَّدُّ على من زعمَ أنَّ العبدَ يخلقُ فعلَ نفسه؛ لأنَّه لو كانَ السُّوء المأمور بالاستعاذةِ منه مخلوقًا لفاعله لَمَا كان للاستعاذةِ بالله منه معنًى؛ لأنَّه لا يصحُّ التَّعوُّذ إلَّا بمن قدرَ على إزالةِ ما استعيذَ به منه.
٦٦١٦ - وبه قال:(حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابنُ مسرهدٍ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة (عَنْ سُمَيٍّ) بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد التحتية، مولى أبي بكر المخزوميِّ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان السَّمان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ)﵁(عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) أنَّه (قَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ جَهْدِ البَلَاءِ) بفتح الجيم وسكون الهاء، الحالة الَّتي يختار عليها الموت، أو قلَّة المال وكثرة العيال (وَدَرَكِ الشَّقَاءِ) بفتح الدال المهملة والراء، اللَّحاق، و «الشَّقاء» بفتح الشين المعجمة والقاف ممدودًا، الشِّدة والعسر (وَسُوءِ القَضَاءِ) أي: المقضيِّ (وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ) وهو فرح العدوِّ ببليَّةٍ تنزلُ بمن يعاديهِ.
والحديث سبق في «باب التَّعوذ من جهد البلاء» من «كتاب الدَّعوات»[خ¦٦٣٤٧].