للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ) فَعَل (حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا): ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] (فَنَسَخَتْهَا) كلَّها أو بعضها، فيكون حكم الإطعام باقيًا على من لم يُطِقِ الصَّوم لكبرٍ، وقال مالكٌ: جميع الإطعام منسوخٌ، لكنَّه مستحبٌّ.

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الصَّوم»، وكذا أبو داود والترمذيُّ، وأخرجه النَّسائيُّ في «التَّفسير».

(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ: (مَاتَ بُكَيْرٌ) هو ابن عبد الله بن الأشجِّ (قَبْلَ) شيخه (يَزِيدَ) بن أبي عبيدٍ الأسلميِّ، وكانت وفاته (١) في سنة عشرين ومئةٍ أو قبلها أو بعدها، وتوفِّي يزيد سنة ستٍّ -أو سبعٍ- وأربعين ومئةٍ، وسقط قوله: «قال أبو عبد الله … » إلى آخره في رواية غير المُستملي.

(٢٧) (﴿أُحِلَّ﴾) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول، أي: أحلَّ الله (﴿لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ﴾) عُدِّي الرَّفث الذي هو كنايةٌ عن الجماع بـ ﴿إِلَى﴾ والأصل أن يتعدَّى بالباء، يقال: أرفث فلانٌ بامرأته؛ لتضمُّنه معنى الإفضاء، قال تعالى: ﴿وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ [النساء: ٢١] كأنَّه قال: أُحِلَّ لكم الإفضاء إلى نسائكم بالرَّفث (﴿هُنَّ﴾) أي: نساؤكم (﴿لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾) قال الزَّمخشريُّ: لمَّا كان الرَّجل والمرأة يعتنقان ويشتمل كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه في عناقه؛ شُبِّه باللِّباس المشتمل عليه، قال الجعديُّ:

إِذَا مَا الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَها … تثنَّتْ فكانتْ عليه لِباسا

وزاد القاضي (٢): لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يسترُ حال صاحبه ويمنعه من الفجور ونحوه، قال السَّمرقنديُّ: والجملة استئنافٌ تُبيِّن سبب الإحلال؛ وهو قلَّة الصَّبر عنهنَّ، وصعوبة اجتنابهنَّ لكثرة المخالطة وشدَّة الملابسة؛ فلذلك رخَّص في المباشرة (﴿عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ﴾) في موضع رفعٍ خبرٌ لـ «أنَّ» (﴿تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ﴾) تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظِّها من الثَّواب (﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾) حين تبتم ممَّا ارتكبتم من المحظور (﴿وَعَفَا عَنكُمْ﴾) يَحتَمل أن يريد: عن المعصية بعينها، فيكون تأكيدًا وتأنيسًا زيادةً على التَّوبة، ويُحتَمل أن يريد: عفا عمَّا كان


(١) «وفاته»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) يقصد الإمام البيضاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>