فيما وصلهُ النَّسائيُّ، الثَّلاثة:(عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) السَّبيعيِّ.
٤٩٦٦ - وبه قال:(حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الدَّورقيُّ قال: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ) بضم الهاء، مصغَّرًا الواسِطيُّ قال:(حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: «أَخْبَرنا»(أَبُو بِشْرٍ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، جعفرُ بنُ أبي وحشيَّة الواسطيُّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أنَّه قَالَ فِي الكَوْثَرِ: هُوَ الخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ) جعفر بالسَّند السَّابق: (قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ النَّاسَ) كأبي إسحاق وقتادةَ (يَزْعُمُونَ أَنَّهُ) أي: الكوثرُ (نَهَرٌ فِي الجَنَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الجَنَّةِ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ) وهذا تأويلٌ من سعيد جمعَ به بينَ حديثي عائشة وابن عبَّاس ﵃، فلا تنافي بينهما؛ لأنَّ النَّهر فردٌ من أفرادِ الخيرِ الكثير. نعم، ثبت التَّصريح بأنَّه نهرٌ من لفظِ النَّبيِّ ﷺ، ففي «مسلمٍ» من طريقِ المختارِ بن فلفل، عن أنسٍ ﵁: بينما نحنُ عند النَّبيِّ ﷺ إذ أغفَى إغفاءَةً، ثمَّ رفعَ رأسهُ متبسِّمًا، فقلنا: ما أضحككَ يا رسولَ الله؟ قال:«نزلت عليَّ سورةٌ فقرأَ: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ … »[الكوثر: ١] إلى آخرها، ثمَّ قال:«أتدرونَ ما الكوثرُ؟» قلنا: اللهُ ورسوله أعلم. قال:«فإنَّه نهرٌ وعدنيهِ ربِّي، عليهِ خيرٌ كثيرٌ» فالمصيرُ إليهِ أولى.
ويأتي إن شاء الله تعالى مزيدُ بحثٍ لذلك في «كتاب الرِّقاق»[خ¦٦٥٧٨] بعون الله تعالى، واشتملت هذه السُّورة مع كونها أقصرَ سورِ القرآن على معانٍ بديعةٍ، وأساليب بليغةٍ: إسناد الفعل للمتكلِّم المعظِّم نفسه، وإيرادهُ بصيغةِ الماضِي تحقيقًا لوقوعهِ كـ ﴿أَتَى أَمْرُ اللّهِ﴾ [النحل: ١]