عياضٌ: واليد هنا الملك والقدرة (لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ) بالزَّاي، ولأبي ذَرٍّ:«تغدو» بالدَّال المهملة بدل الزَّاي من الغُدُوِّ، وفي روايةِ أبي زُرْعة بن عمرو في «باب الجهاد من الإيمان»[خ¦٣٦]«لولا أن أشقَّ على أمَّتي» ورواية الباب تفسِّر المراد بالمشقَّة المذكورة، وهي أنَّ نفوسهم لا تطيب بالتَّخلُّف، ولا يقدرون على التَّأهُّب لعجزهم عن آلة السَّفر من مركوبٍ وغيره، وتعذُّر وجوده عند النَّبيِّ ﷺ، وصُرِّحَ بذلك في رواية هَمَّام عند مسلمٍ، ولفظه:«ولكن لا أجد سَعةً أحملهم، ولا يجدون سعَةً فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي». قاله في «الفتح»(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ) بفتح اللَّام والواو وكسر الدَّال الأولى وتسكين الثَّانية (أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ أُحْيَا) بضمِّ الهمزة على البناء للمفعول (ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ) بتكرير «ثمَّ» ستَّ مراتٍ. قال الطِّيبيُّ:«ثمَّ» وإن دلَّ على التَّراخي في الزَّمان، لكنَّ الحمل على التَّراخي في الرُّتبة هو الوجه، لأنَّ المتمنَّى حصول درجاتٍ بعد القتل، والإحياء لم يحصل قبل، ومن ثمَّ كرَّرها لنيل مرتبةٍ بعد مرتبة إلى أن ينتهي إلى الفردوس الأعلى، ولأبي ذرٍّ:«فأقتل» بالفاء في الثَّلاثة عوض «ثمَّ» وقال في «الفتح»: ثمَّ إنَّ النُّكتة في إيراد هذه عقب تلك إرادةُ تسلية الخارجين في الجهاد عن مرافقته لهم، فكأنَّه قال: الوجه الَّذي تسيرون إليه فيه من الفضل ما أتمنَّى لأجله أن أُقتَل مرَّاتٍ، فمهما فاتكم من مرافقتي والقعود معي من الفضل يحصل لكم مثله أو فوقه من فضل الجهاد، فراعى خواطر الجميع. واستُشكِل هذا التَّمنِّي منه ﵊ مع علمه بأنه لا يُقتَل. وأُجيبَ: بأنَّ تمنِّي الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فكأنَّه ﵊ أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد، وتحريض المؤمنين عليه.