للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كصاحب زورٍ وكذبٍ، كما يقال للرَّجُل إذا وصف بالبراءةِ عن العيوب: إنَّه طاهر الثَّوب، والمراد طهارة نفسه. والثَّاني: أن يراد به نفس الثَّوب. قالوا: كان في الحيِّ رجلٌ له هيئةٌ حسنةٌ، إذا احتاجوا إلى شهادة الزُّور شهد لهم، فيقبل لهيئته وحسن ثوبيهِ، وقيل: هو أن يلبس قميصًا يصل بكمِّه كمًّا آخر يرى أنَّه لابس قميصين، أو هو المرائِي يلبس ثياب الزُّهَّاد ليظنَّ أنَّه زاهدٌ وليس به.

وفي «الفائق» للزَّمخشريِّ: المتشبِّع المتشبِّه بالشَّبعان وليس به، واستعير للمتحلِّي بفضيلة لم يرزقها، وشُبِّه بلابس ثوبي زورٍ، أي: ذي زور، وهو الَّذي يزور على النَّاس بأن يتزيَّا بزيِّ أهل الصَّلاح رياء، وأضاف الثَّوبين إليه لأنَّهما كانا ملبوسين لأجله، وهو المسوِّغ للإضافة، وأراد بالتَّثنية (١) أنَّ المتحلِّي بما ليس فيه كمن لبس ثوبي الزُّور، ارتدى بأحدهما واتَّزر بالآخر.

وقال الكِرمانيُّ: معناه: المظهر للشِّبع وهو جائعٌ كالمزور الكاذبِ المتلبِّس بالباطل، وشبَّه الشِّبع بلبس الثَّوب بجامع أنَّهما يغشيان الشَّخص، تشبيهًا حقيقيًّا أو تخييليًّا، كما قرَّره السَّكَّاكيُّ في قوله تعالى: ﴿فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾ [النحل: ١١٢].

فإن قلت: ما فائدة التَّثنيةِ؟ قلت: المبالغة إشعارًا بالاتِّزارِ (٢) والارتداءِ، يعني: هو زورٌ من رأسهِ إلى قدمه، أو الإعلامُ بأن في المتشبِّع (٣) حالتين مكروهتين، فقدانَُ ما تشبَّع به، وإظهارَُ الباطل.

(١٠٧) (بابُ الغَيْرَةِ) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية، مشتقَّةٌ من تغيُّر القلب وهيجانِ الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشدُّ ذلك ما يكون بين الزَّوجين.


(١) في (ب) و (س): «بالتشبيه».
(٢) في (ص) و (م): «بالإزار».
(٣) في (ص): «الشبع»، وفي (م): «التشبع».

<<  <  ج: ص:  >  >>