للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنَّما أطلب الحقير من الحقير، ولا أطلب من مولاي غير مولاي، فسَمَت همَّته العليَّة ألَّا يطلب من الله تعالى الأشياء الخسيسة، ومناسبة الآية للحديث اشتماله على صفتَي الرِّزق والقوَّة الدَّالة على القدرة، أمَّا الرِّزق فمن قوله: «ويرزقهم» وأمَّا القوَّة فمن قوله: «أصبر» فإنَّ فيه إشارةً إلى القدرة على الإحسان إليهم مع إساءتهم، بخلاف طبع البشر، فإنَّه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء إلَّا مِن جِهة تكليفه ذلك شرعًا، قاله ابن المُنيِّر.

وسبق الحديث في «الأدب» في «باب الصبر على الأذى» [خ¦٦٠٩٩].

(٤) (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾) خبر مبتدأ محذوفٍ، أي: هو عالم الغيب (﴿فَلَا يُظْهِرُ﴾) فلا يُطْلِع (﴿عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾) من خلقه ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ﴾ [الجن: ٢٦] أي: إلَّا رسولًا قد ارتضاه لعلم بعض الغيب؛ ليكون إخباره عن الغيب معجزةً له، فإنَّه يُطلِعه على غيبه ما شاء و ﴿مِن رَّسُولٍ﴾ بيانٌ لـ ﴿مَنِ ارْتَضَى﴾ قال في «الكشَّاف»: وفي هذه الآية إبطال الكرامات (١)؛ لأنَّ الذين تُضَاف إليهم الكرامات وإن كانوا أولياء مرتضين فليسوا برسلٍ، وقد خصَّ الله الرُّسل من بين المرتضين بالاطِّلاع على الغيب. انتهى. وأُجيب: بأنَّ قوله: ﴿عَلَى غَيْبِهِ﴾ لفظٌ مفردٌ ليس فيه صيغة العموم، فيكفي أن يقال: إنَّ الله لا يُظهِر على غيبٍ واحدٍ من غيوبه أحدًا إلَّا الرُّسل، فيُحمَل على وقت وقوع القيامة، فكيف وقد ذكرها عقب قوله: ﴿أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ﴾؟ [الأنبياء: ١٠٩] وتُعقِّب بأنَّه ضعيفٌ؛ لأنَّ الرُّسل أيضًا لم يُظهَروا على ذلك، وقال البيضاويُّ: جوابه تخصيص الرَّسول: بالمَلَكِ، والإظهار: بما يكون من غير واسطةٍ، وكرامات الأولياء على المغيَّبات (٢) إنَّما


(١) في (ع): «للكرامات».
(٢) قال الشيخ قطة : قوله: «وكرامات الأولياء … » إلى آخره، تأمله مع ما قبله فإنه ربما نافاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>