للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بِهِ جُرْحٌ) بضمِّ الجيم وسكون الرَّاء، بعدها حاءٌ مهملةٌ، في يده (فَجَزِعَ) بفتح الجيم وكسر الزَّاي، لم يصبر على ألمه (فَأَخَذَ سِكِّينًا) بكسر السِّين (فَحَزَّ) بالحاء المهملة والزَّاي المشدَّدة، قطع (بِهَا يَدَهُ) من غير إبانةٍ (فَمَا رَقَأَ) بفتح الرَّاء والقاف والهمزة، أي: لم ينقطع (الدَّمُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ اللهُ تَعَالَى) ولأبي ذرٍّ: «﷿» بدل «تعالى»: (بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ) أي: استعجل الموت (حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ) لأنَّه استحلَّ (١) ذلك فكفر به، فيكون مخلَّدًا بكفره لا بقتله، أو كان كافرًا في الأصل وعُوقِب بهذه المعصية زيادةً على كفره، أو حُرِّمت عليه الجنَّة في وقتٍ ما؛ كالوقت الَّذي يدخل فيه السَّابقون، أو الوقت الَّذي يُعذَّب فيه الموحِّدون ثمَّ يخرجون، أو جنَّةٌ معيَّنةٌ كالفردوس مثلًا، أو غير ذلك ممَّا يطول ذكره. وقال الطِّيبيُّ: وليس في قوله: «حرَّمتُ عليه الجنَّة» ما يدلُّ على الدَّوام والإقناط الكلِّيِّ، ولمَّا كان الإنسان بصدد أن يحمله الضَّجر والغضب على إتلاف نفسه، ويسوِّل له الشَّيطان أنَّ الخَطْبَ فيه يسيرٌ، وأنَّه أهون من قتل نفسٍ أخرى محرَّمةٍ أَعْلَمَ أنَّ ذلك في التَّحريم كقتل سائر النُّفوس المحرَّمة. انتهى. واستُشكِل (٢) قوله: «بادرني بنفسه»؛ إذ مقتضاه: أنَّ من قُتِل فقد مات قبل أجله، وليس أحدٌ يموت بأيِّ سببٍ كان إلَّا بأَجَله، وقد علم الله أنَّه يموت بالسَّبب المذكور، وما عَلِمَهُ لا يتغيَّر. وأُجيب بأنَّه لمَّا وُجِدت منه صورة المبادرة بقصده (٣) ذلك واختياره له، والله جلَّ وعلا لم يُطلعه على انقضاء أجله، فاختار هو قتل نفسه فاستحقَّ المعاقبة لعصيانه، والحديث أصلٌ كبيرٌ في تعظيم قتل النَّفس، سواءٌ كانت نفس الإنسان أو غيره؛ لأنَّ نفسه ليست ملكه أيضًا فيتصرَّف فيها على حسب اختياره.

(٥١) (حَدِيثُ أَبْرَصَ) وهو الَّذي ابيضَّ ظاهر بدنه لفساد مزاجه (وَأَقْرَعَ) وهو الَّذي (٤) ذهب شعر


(١) في (ص): «استعجل».
(٢) في (ص): «وأشكل».
(٣) في (ص): «بقصد».
(٤) في (د): «من»، وفي نسخةٍ كالمثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>