للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إهلاله … ، فذكر الحديث، وفيه: «فلمَّا صلَّى بمسجد ذي الحُلَيفة ركعتين أوجب من مجلسه، فأهلَّ بالحجِّ حين فرغ منهما، فسمع منه قومٌ فحفظوه، ثمَّ ركب، فلمَّا استقلَّت به راحلته أهلَّ وأدرك ذلك منه قومٌ لم يشهدوه في المرَّة الأولى، فسمعوه حين ذاك فقالوا: إنَّما أهلَّ حين استقلَّت به راحلته ثمَّ مضى، فلمَّا علا شَرَفَ البيداء أهلَّ، وأدرك ذلك قومٌ لم يشهدوه، فنقل كلُّ واحدٍ منهم ما سمع، وإنَّما كان إهلاله في مُصلَّاه، وايم الله ثمَّ أهلَّ ثانيًا وثالثًا» وقد (١) اتَّفق فقهاء الأمصار على جواز جميع ذلك، وإنَّما الخلاف في الأفضل.

وحديث الباب أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ»، وكذا أبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ.

(٢١) (بابُ مَا لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ) قال ابن دقيق العيد: لفظ «المحْرِم» يتناول من أحرم بالحجِّ والعمرة معًا، والإحرام: الدُّخول في أحد النُّسكين والتَّشاغل بأعمالهما، وقد كان شيخنا العلَّامة ابن عبد السَّلام يستشكل معرفة حقيقة الإحرام ويبحث فيه كثيرًا، وإذا قِيلَ: إنَّه النِّيَّة اعتَرَض عليه بأنَّ النِّيَّة شرطٌ في الحجِّ الذي الإحرامُ ركنُه، وشرط الشَّيء غيرُه، ويعترض على أنَّه التَّلبية بأنَّها ليست بركنٍ، والإحرام ركنٌ هنا، وكان يحوم على تعيين فعلٍ تتعلَّق به النِّيَّة في الابتداء. انتهى. وأُجيب بأنَّ «المُحرِم» اسمُ فاعلٍ، من أحرم إحرامًا بمعنى: دخل في الحرمة، أي: أدخل نفسَه وصيَّرها متلبِّسةً بالسَّبب المقتضي للحرمة لأنَّه دخل في عبادة الحجِّ أو العمرة أو هما معًا، فحُرِّم عليه الأنواع السَّبعة: لبس المخيط والطِّيب ودهن الرَّأس واللِّحية وإزالة الشَّعر والظُّفر والجماع ومقدِّماته والصَّيد، وقد عُلِم من هذا أنَّ النِّيَّة مغايرةٌ له لشمولها له ولغيره؛ لأنَّها قصد فعل الشَّيء تقرُّبًا إلى الله تعالى، فأركان الحجِّ مثلًا: الإحرامُ والوقوفُ والطَّوافُ والسَّعيُ والنِّيَّة، فعل كلٍّ من الأربعة تقرُّبًا إلى الله تعالى بها، وبهذا التَّقرير يزول الإشكال، وكأنَّ الذي كان يحوم عليه هو (٢) ما ذُكِر. والله أعلم.


(١) «وقد»: ليس في (م).
(٢) «هو»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>