فكان كما قال ﵊(فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ) أي: قُتِل (ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ) بإسقاط ضمير المفعول، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ:«ثمَّ أخذها جعفرٌ»(فَأُصِيبَ) أي: قُتِل (ثُمَّ أَخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ) بإسقاط الضَّمير، قال ذلك (وَعَيْنَاهُ)﵊(تَذْرِفَانِ) بذالٍ مُعجَمةٍ وراءٍ مكسورةٍ وفاءٍ: تسيلان بالدُّموع (حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ) بإسقاط المفعول، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ:«حتَّى أخذها سيفٌ»(مِنْ سُيُوفِ اللهِ)﷿، وفي «الجنائز»[خ¦١٢٤٦]«فأخذها خالد بن الوليد من غير إمرةٍ»، أي: من غير تأميرٍ منه ﷺ، لكنَّه رأى المصلحة في ذلك، فأخذ الرَّاية (حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ) على يد خالدٍ، فانحاز بالمسلمين حتَّى رجعوا سالمين، وفي حديث أبي قتادة: ثمَّ قال رسول الله ﷺ: «اللَّهمَّ (١) إنَّه سيفٌ من سيوفك، فأنت تنصره» فمن يومئذٍ سُمِّي سيفَ الله، وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى ممَّا أخرجه الحاكم وابن حبَّان قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تؤذوا خالدًا فإنَّه سيفٌ من سيوف الله، صبَّه على الكفَّار».
وهذا الحديث قد سبق في «الجنائز»[خ¦١٢٤٦] و «الجهاد»[خ¦٢٧٩٨] و «علامات النُّبوَّة»[خ¦٣٦٣٠] ويأتي إن شاء الله تعالى في «المغازي»[خ¦٤٢٦٢] بعون الله وقوَّته.
(٢٦)(بابُ مَنَاقِبِ سَالِمٍ) أي: ابن مَعْقِلٍ؛ بفتح الميم وسكون العين وكسر القاف، كان من أهل فارس، من فضلاء الصَّحابة الموالي وكبارهم، معدودٌ في المهاجرين لأنَّه هاجر إلى المدينة، وفي الأنصار لأنَّه (مَوْلَى) امرأة (أَبِي حُذَيْفَةَ) بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد منافٍ، الأنصاريَّة، تبنَّاه أبو حذيفة لمَّا تزوَّجها فنُسِب إليه، واستُشهِد سالمٌ باليمامة (﵁) وسقط لفظ «باب» لأبي ذرٍّ.