للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي حديث أبي هريرة عند ابن مردويه مرفوعًا: «إذا وقعتم في الأمر العظيم؛ فقولوا: ﴿حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣]».

(١٤) هذا (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: (﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ (١) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾) (٢) قُرِئ: ﴿يَحْسَبَنَّ﴾ بالياء والتَّاء، وعلى التَّقديرين: المضاف محذوفٌ، أي: بُخْل الذين، إذا كان الحسبان للنَّبيِّ أو لكلٍّ أحدٍ؛ تقديره: بخل الذين يبخلون، وإذا كان الفاعل ﴿الَّذِينَ﴾ فالتَّقدير: بخلهم هو خيرًا لهم (﴿بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ﴾) بيان الشَّرِّيَّة، أي: سيصير عذاب بخلهم لازمًا كالطَّوق في أعناقهم (﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾) رُوِيَ أنَّه (٣) حيَّةٌ تنهشه من فَرْقه إلى قدمه، وتبقر رأسه (﴿وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾) ما فيهما ممَّا يُتَوارَث ملكٌ له تعالى، فما لهؤلاء يبخلون بملكه ولا ينفقونه في سبيله (٤)؟! والتَّعبير بـ «الميراث» خطابٌ بما نعلم (﴿وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٨٠]) وسقط لغير أبي (٥) ذرٍّ من قوله: «﴿هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾ … » إلى آخره، وقال: «الآيةَ» بالنَّصب.

وقال العوفيُّ عن ابن عبَّاسٍ فيما رواه ابن جريرٍ: «نزلت في أهل الكتاب الذين بخلوا (٦) بما في أيديهم من الكتب المنزلة أن يبيِّنوها» وقيل: في اليهود الذين سُئِلوا أن يُخْبِروا بصفة محمَّدٍ عندهم، فبخلوا بذلك وكتموه، فيكون البخل بكتمان العلم، والطَّوق: أن يُجعَل في رقابهم أطواق النَّار، وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: «من سُئِل عن علمٍ فكتمه؛ ألجمه الله بلجامٍ من نارٍ يوم القيامة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وحسَّنه التِّرمذيُّ وصحَّحه الحاكم.


(١) في (ب) و (د): ﴿تَحْسَبَنَّ﴾ وهي قراءة حمزة.
(٢) ﴿هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾: ليس في (د).
(٣) في (ب) و (س): «أنَّ».
(٤) في (م): «سبيل الله».
(٥) في (د): «وسقط لأبي».
(٦) في (ص) و (م): «يبخلون».

<<  <  ج: ص:  >  >>