(عَنْ أُمِّ الفَضْلِ) لبابة (بِنْتِ الحَارِثِ)﵂: (أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ) كعادته (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ) لكونه مسافرًا (فَأَرْسَلَتْ) أمُّ الفضل (إِلَيْهِ)ﷺ(بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ) بعرفاتٍ (فَشَرِبَهُ) وفي حديث جابرٍ الطَّويل المرويِّ في «مسلمٍ»: «ثمَّ ركب إلى الموقف فلم يَزَلْ واقفًا حتَّى غربت الشَّمس» وهذا يدلُّ لمذهب الجمهور: أنَّ الأفضل الرُّكوب اقتداءً به ﷺ، ولما فيه من العون على الاجتهاد في الدُّعاء والتَّضرُّع الذي هو المطلوب في ذلك الموضع حينئذٍ، وخصَّه آخرون بمن يحتاج النَّاس إليه للتَّعليم. وفيه: أنَّ الوقوف على ظهر الدَّابَّة مباحٌ إذا لم يجحف بها، ولا يعارضه النَّهي الوارد:«لا تتَّخذوا ظهورها منابر» لأنَّه محمولٌ على الأغلب الأكثر.
(٨٩)(بابُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) الظُّهر والعصر في وقت الأولى (بِعَرَفَةَ) للمسافرين سفر القصر، وقال المالكيَّة: للنُّسك، فيجوز لكلِّ أحدٍ؛ المكِّيِّ وغيره، وقال أبو حنيفة: يختصُّ الجمع بمن صلَّى مع الإمام، حتَّى لو صلَّى الظُّهر وحده أو بجماعةٍ بدون الإمام لا يجوز، وخالفه صاحباه، فقالا: والمنفرد أيضًا كالأئمَّة الثَّلاثة.
(وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄) ممَّا وصله إبراهيم الحربيُّ في «المناسك»(إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الإِمَامِ) يوم عرفة (جَمَعَ بَيْنَهُمَا) أي: بين الظُّهر والعصر في منزله.