للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٩) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا جَامَعَ) الصَّائم (فِي) نهار شهر (رَمَضَانَ) عامدًا وجبت عليه الكفَّارة (وَيُذْكَرُ) بضمِّ الياء مبنيًّا للمفعول (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) حال كونه (رَفَعَهُ) أي: الحديث الآتي إلى النَّبيِّ وهو: (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) ولأبي ذرٍّ: «من غير علَّةٍ» (وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ) قال المظهريُّ: يعني: لم يجد فضيلة الصَّوم المفروض بصوم النَّافلة، وليس معناه: أنَّ صيام الدَّهر بنيَّة قضاء يومٍ من رمضان لا يسقط عنه قضاء ذلك اليوم، بل يجزئه قضاء يومٍ بدلًا عن يومٍ، وقال شارح «المشكاة»: هو من باب التَّشديد والمبالغة ولذلك أكَّده بقوله: (وَإِنْ صَامَهُ) حقَّ الصِّيام ولم يقصِّر فيه وبذل جهده وطاقته، وزاد في المبالغة (١) حيث أسند القضاء إلى الصَّوم إسنادًا مجازيًّا، وأضاف الصَّوم إلى الدَّهر؛ إجراءً للظَّرف مجرى المفعول به؛ إذ الأصل: لم يقضِ هو في الدَّهر إذا صامه، وقال ابن المُنيِّر: يعني: أنَّ القضاء لا يقوم مقام الأداء ولو صام عوض اليوم دهرًا، ويُقال بموجبه: فإنَّ الإثم لا يسقط بالقضاء، ولا سبيل إلى اشتراك (٢) القضاء والأداء في كمال (٣) الفضيلة، فقوله: «لم يقضه صيام الدَّهر» أي: في وصفه الخاصِّ به؛ وهو الكمال وإن كان يقضي عنه في وصفه العامِّ المنحطِّ عن كمال الأداء، هذا هو اللَّائق بمعنى الحديث، ولا يُحمَل على نفي القضاء بالكلِّيَّة، ولا تُعهَد عبادةٌ واجبةٌ مُؤقَّتةٌ لا تقبل القضاء إلَّا الجمعة لأنَّها لا تجتمع بشروطها إلَّا في يومها وقد فات، أو في مثله وقد اشتغلت الذِّمَّة بالحاضرة فلا تسع الماضية. انتهى. قال في «فتح الباري»: ولا يخفى تكلُّفه، وسياق أثر ابن مسعودٍ الآتي -إن شاء الله تعالى- (٤) يردُّ هذا التَّأويل، وهذا الحديث قد وصله أصحاب «السُّنن الأربعة»،


(١) في (د): «المطابقة»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (د ١) و (م): «اشتراط»، وفي «الفتح»: «استدراك».
(٣) في (ص): «إكمال».
(٤) «إن شاء الله تعالى»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>