للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطِّيبيُّ: وعدُّ التسمية (١) أولى؛ لأنَّ ﴿أَنعَمتَ عَلَيهِمْ (٢)﴾ لا يناسب وزانه وزان فواصل السُّور، ولحديث ابن عبَّاسٍ: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ الآية السَّابعة، ونُقل عن حسين بن علي الجعفيِّ أنَّها ستُّ آياتٍ؛ لأنَّه لم يعدَّ البسملة، وعن عمرو بن عبيدٍ أنَّها ثمانٍ؛ لأنَّه عدَّها وعدَّ ﴿أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «فضائل القرآن» [خ¦٥٠٠٦] و «التَّفسير» [خ¦٤٦٤٧] وأبو داود في «الصَّلاة»، وكذا النَّسائيُّ، وفي «التَّفسير» أيضًا و «فضائل القرآن»، وابن ماجه في «ثواب التَّسبيح».

(٢) (باب: ﴿غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧]): الجمهور على جرِّ ﴿غَيرِ﴾ بدلًا من ﴿الَّذِينَ﴾ على المعنى، أو من ضمير ﴿عَلَيهِمْ﴾ ورُدَّ بأنَّ أصل «غير» الوصفيَّة، والإبدال بالأوصاف ضعيفٌ، وقد يقال: استعمل «غير» استعمال الأسماء؛ نحو: غيرك يفعل كذا، فجاز وقوعه بدلًا لذلك، وعن سيبويه: هو صفة لـ «الَّذِيْن»، ورُدَّ بأنَّ «غيرًا» لا تتعرَّف، وأجيب بأنَّ سيبويه نقل أنَّ ما إضافته غير محضةٍ قد يتمحَّض فيتعرَّف إلَّا الصِّفة المشبَّهة، و «غير» داخلٌ في هذا العموم، وقُرئ شاذًّا بالنَّصب، فقيل: حالٌ من ضمير ﴿عَلَيهِمْ﴾ وناصبها: ﴿أَنعَمتَ﴾ وقيل: من ﴿الَّذِينَ﴾ وعاملها معنى الإضافة، قال ابن كثيرٍ: والمعنى: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ﴾ [الفاتحة: ٦ - ٧] ممَّن تقدَّم وصفهم بالهداية والاستقامة غير صراط المغضوب عليهم؛ وهم الذين فسدت إرادتهم (٣) فعلموا الحقَّ وعدلوا عنه، و ﴿لَا﴾ صراط ﴿الضَّالِّينَ﴾ وهم الذين فقدوا العلم، فهم هائمون في الضَّلالة لا يهتدون إلى الحقِّ، وأكَّد الكلام بـ ﴿لَا﴾ ليدلَّ على أنَّ ثَمَّ مَسْلَكين فاسدين؛ وهما طريقتا اليهود والنَّصارى. ومن أهل العربيَّة من زعم أنَّ ﴿لَا﴾ في قوله: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ زائدةٌ، والصَّحيح: ما سبق من أنَّها لتأكيد النَّفي؛ لئلَّا يُتوهَّم عطف ﴿الضَّالِّينَ﴾ على ﴿الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾ وللفرق بين الطريقين ليُتَجنَّب (٤) كلٌّ منهما، فإنَّ طريقة أهل الإيمان


(١) في (د): «البسملة».
(٢) ﴿عَلَيهِمْ﴾: مثبتٌ من (د).
(٣) في (د): «آراؤهم».
(٤) في (د): «لتجنب».

<<  <  ج: ص:  >  >>