للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمَّا ذمَّ الله أَكَلَة الرِّبا بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: ٢٧٥] وأخبر أنَّهم اعترضوا على أحكام الله تعالى، وقالوا: البيع مثل الرِّبا، فإذا كان الرِّبا حرامًا فلا بدَّ أنْ يكون البيع كذلك، فردَّ (١) الله عليهم بقوله: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] واللَّفظ لفظ العموم، فيتناول كلَّ بيعٍ، فيقتضي إباحة الجميع، لكن قد منع الشَّارع بيوعًا أخرى وحرَّمها، فهو عامٌّ في الإباحة، مخصوصٌ بما لا يدلُّ الدَّليل على منعه، وقال إمامنا الشَّافعيُّ فيما رأيته في كتاب «المعرفة» للبيهقيِّ: وأصل البيوع كلِّها مباحٌ إذا كانت برضا المتبايعين الحائزين الأمر فيما تبايعا، إلَّا ما نهى عنه رسول الله (٢) منه، أو ما (٣) كان في معنى ما نهى عنه رسول الله . انتهى. (وَقَولُِهُِ) بالجرِّ عطفًا على سابقه، ويجوز الرَّفع على الاستئناف: (﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ﴾) التِّجارة (﴿تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]) استثناءٌ من الأمر بالكتابة، والتِّجارة الحاضرة تعمُّ المبايعة بدينٍ أو عينٍ، وإدارتها بينهم: تعاطيهم إيَّاها يدًا بيد، أي: إلَّا أنْ تتبايعوا يدًا بيد فلا بأس ألَّا تكتبوا؛ لبعده عن التَّنازع والنِّسيان، قاله البيضاويُّ. وقال الثَّعلبيُّ: الاستثناء منقطعٌ، أي: لكن إذا كانت تجارةً فإنها ليست بباطلٍ، فأوَّلُ هذه الآية يدلُّ على إباحة البيوع المؤجَّلة، وآخرها على إباحة التِّجارة في البيوع الحالَّة، وسقطت الآيتان في رواية أبوي ذرٍّ والوقت وابن عساكر.

(١) بابُ (باب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللهِ تعالى) أسقط ابن عساكر لفظ «الباب» وزاد واو العطف قبل قوله:


(١) في (ب) و (س): «ردَّ».
(٢) «رسول الله»: ليس في (د).
(٣) «ما»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>