للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«﴿ذَلِكَ الدِّينُ﴾» أي: تحريم الأشهر الحرم هو الدِّين المستقيم دين إبراهيم، وتخصيص بعض الزَّمان بالحرمة كليلة القدر والجمعة والعيد بالفضل دون بعضٍ؛ أنَّ النُّفوس مجبولةٌ على الشَّرِّ، يشقُّ عليها الامتناع عن الشَّرِّ بالكليَّة، فمُنِعَت عنه في بعض الأوقات لحرمته، وقد كانوا يعظِّمون هذه الأشهر حتَّى لو لقي الرَّجل قاتل أبيه لم يقتله، فأكَّد الله تعالى ذلك بأن منع الظُّلم فيها بقوله: ﴿فَلَا تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦] أي: لا تُحلِّوا حرامها (١)؛ ولذا قيل: لا يحلُّ القتال فيها ولا في الحرم، والجمهور على أنَّ حرمة المقاتلة فيها منسوخةٌ، ويؤيِّده: ما رُوِي أنَّه حاصر الطَّائف في شهرٍ حرامٍ؛ وهو ذو القعدة، كما ثبت في «الصَّحيحين» (٢): أنَّه حاصرها أربعين يومًا، وسقط «باب (٣) قوله» لغير أبي ذرٍّ.

٤٦٦٢ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ) الحجبيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) بتشديد الميم، ابن درهم الأزديُّ الجهضميُّ البصريُّ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيُّ (عَنْ مُحَمَّدٍ) هو ابن سيرين (عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ) عبد الرَّحمن (عَنْ) أبيه (أَبِي بَكْرَةَ) نُفَيع بن الحارث، ولأبي ذرٍّ: «عن أبيه» بدل: «عن أبي بكرة»، (عَنِ النَّبِيِّ ) أنَّه (قَالَ) في خطبته في حجَّة الوداع بمنًى (٤) في أوسط أيام التَّشريق: أيُّها النَّاس: (إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ) استدارةً (كَهَيْئَتِهِ) أي: مثل حالته (يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) أي: عاد الحجُّ إلى ذي الحجَّة، وبطل النَّسيءُ؛ وهو تأخير حرمة الشَّهر إلى شهرٍ آخر، وذلك أنَّهم كانوا إذا جاء شهرٌ حرامٌ وهم محاربون؛ أحلُّوه وحرَّموا مكانه شهرًا آخر، ورفضوا خصوص الأشهر، واعتبروا مجرد


(١) في (د): «حرمتها».
(٢) يستفاد ذلك من قول موسى بن عقبة [خ¦قبل ٤٣٢٤] إن الطائف كانت في ٨ شوال. انتهى. ودام الحصار أربعين يومًا فيكون بعض القتال في ذي القعدة.
(٣) «باب»: ضُرِب عليها في (م).
(٤) في (ب): «بمعنى» وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>