للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حملُه على الخبرِ أشبهُ بسياق الكلامِ لأنَّه مردودٌ على قول الرَّجل: إنَّ لي عشرةً من الولد، أي: الَّذي يفعلُ هذا الفعل لا يُرْحم، ولو جعلت «مَن» شرطيَّة لانقطعَ الكلام عمَّا قبله بعض الانقطاع لأنَّ الشَّرط وجوابه كلام مستأنفٌ، ولأنَّ الشَّرط إذا كان بعده فعل منفيٌّ، فأكثرُ ما ورد منفيًّا بلم لا بلا، كقولهِ تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللهِ﴾ [الفتح: ١٣] ﴿وَمَن لَّمْ يَتُبْ﴾ [الحجرات: ١١] وإن كان الآخرُ جائزًا كقول زهير: ومن لا يَظْلِم النَّاس يُظْلَم. انتهى.

وتعقَّبه صاحب «المصابيح» فقال: تعليلُه انقطاع الكلام عمَّا قبلهُ على تقديرِ كون «من» شرطيَّة بأنَّ الشَّرط وجوابه كلامٌ مستأنفٌ غير ظاهر، فإنَّ الجملة مستأنفةٌ سواء جعلت «من» موصولة أو شرطيَّة، وتقديره: الَّذي يفعلُ هذا الفعل، و (١) يتأتَّى مثله على أنَّ مَن شرطيَّة أي: من يفعلُ هذا الفعل، فلا ينقطعُ الكلام ويصيرُ مرتبطًا بما قبلَه ارتباطًا ظاهرًا. والرَّحمة من الخلق التَّعطُّف والرِّقَّة، وهذا لا يجوزُ على الله تعالى، ومن الله تعالى الرِّضا عمَّن رحمه؛ لأنَّ من رقَّ له القلبُ فقد رضي عنه، أو الإنعام أو إرادة (٢) الخير لأنَّ الملك إذا عطف على رعيَّته ورقَّ لهم أصابهم بمعروفهِ وإنعامه، والحاصل أنَّ الأُوْلَى على الحقيقة والثَّانية على المجاز. وقوله: «من لا يرحم» يشملُ جميع أصناف الخلقِ، فيرحم البرَّ والفاجرَ والنَّاطقَ والبُهم والوحش والطَّير.

وفي الحديث أنَّ تقبيل الولد وغيره من المحارمِ وغيرهم إنَّما يكون للشَّفقة والرَّحمة لا لِلَّذَّة والشَّهوة، وكذا الضَّمُّ والشَّمُّ والمعانقة.

والحديث من أفرادهِ.

٥٩٩٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) الفِريابيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ هِشَامٍ،


(١) قوله: «و»: ليس في (د) و (ع).
(٢) في (د): «وإرادة».

<<  <  ج: ص:  >  >>